كانت الغالبية العظمى من الناس في الأردن وغيره من البلدان التي تتواجد فيها حركة الإخوان المسلمين، يعتقدون أن هذا التنظيم ينخرط بشكل فعلي في الحياة اليومية والسياسية الخاصة بهذا البلد أو ذاك. ولكن ما حدث كشف لنا العكس.
إذ أثبتت الأيام أن فحوى هذا التنظيم ليس البلدان التي يقيم فيها أفراده، وأن القضايا الوطنية التي تطرح على الصعيد الوطني وتستدعي الكفاح من أجلها، تأتي تاليا على سلم أولوياته. ولنا تجارب تؤكد هذا المنحى، رغم كل ما يصاحب ذلك من دعاية ضخمة تضخها الحركة قبل القيام بأي عمل جماهيري.
فخلال العامين الماضيين من عمر الحراك الشعبي الأردني، يتأكد شكل العلاقة الطرفية مع الحراك الشعبي والقضايا المهمة التي يطرحها، رغم تواجد "الإخوان" بشكل رمزي في الحراك الشعبي؛ في الصفوف الأمامية، وأمام عدسات الكاميرات، والظهور بشكل متكرر في الفضائيات الداعمة لهم. وهناك الكثير من العلامات التي يمكن تسجيلها في هذا السياق، والتي تؤكد هذه العلاقة الطرفية مع الشأن المحلي الوطني، ولعل من أبرزها المتعلق بقضايا المعتقلين من الحراك الشعبي لغاية الآن.
فسابقا مثلا، وفي فترة اعتقال أول دفعة من ناشطي الحراك الشعبي في الطفيلة، في 6/3/2012، خرج الإخوان المسلمون في الجمعة التي تلت بمظاهرة كبيرة من الجامع الحسيني في الوسط البلد، مؤيدة للحرب الدائرة على سورية، هتف فيها أنصار الجماعة بهتافات تؤيد الثورة السورية، ونسوا عن قصد قضية المعتقلين من الحراك الشعبي من الطفيلة.
ويتركك هذا المشهد في أغلب ما يقوم به "الإخوان" من استعراضات جماهيرية، طالما أن العلاقة مع الهم الوطني الداخلي علاقة طرفية. وهذا ما نلمسه في المظاهرات الاخيرة التي خرجت تشتم حزب الله والنظام السوري، بعد أن كان كلا الطرفين؛ حزب الله والنظام السوري، أحبة عندما كانت حركة "حماس" الإخوانية تتفيأ في ظلال الدولة السورية، وحماية حزب الله في المربع الأمني للضاحية الجنوبية في بيروت، إلى جانب المال الإيراني.
ولكن مع اختلاف وتبدل الحال السياسي بعد ما عرف بالربيع العربي، أصبحت المظاهرات التي يقودها الإخوان المسلمون، والمتعلقة بسورية ومصر لاحقا، تكاد تكون عملا شبه أسبوعي، وفي أحيان كثيرة عملا يوميا.
الفكرة الإخوانية ومركزيتها التنظيمية تؤكد ضحالة فكرتها الوطنية. وهذا ما يحدث على الساحة الوطنية الأردنية؛ فهي مرهونة بحركة التنظيم عالميا وتعليمات المرشد، وليست حركة وطنية منسجمة مع الشأن الداخلي. وهذا أيضا ما ساهم في إسقاط حكم "الإخوان" في مصر، عندما لم يكن الوطن رقم واحد في تفكيرهم.
المظاهرات أمام السفارة المصرية، والحديث عن شرعية حكم مرسي، والتي لا تتجاوز 25 % من مجموع أصوات المصريين، ما يعني أن 75 % ضد الشرعية التي يتظاهرون من أجلها، فيما ثمة ناشطون معتقلون وأسرى أردنيون يجدر الدفاع عنهم قبل التظاهر!
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد جهاد المحيسن