تنشغل معظم الأسرالأردنية هذه الأيام بموسم قطاف الزيتون، والظاهرة التي تستحق التوقف والانتباه أن هذا الموسم بطقوسه الاجتماعية وأبعاده الاقتصادية هو الموسم الإنتاجي الوحيد الباقي، بل الذي يزداد ترسخه عاما بعد عام وتحديدا خلال الأعوام الماضية بعد أن تراجعت المواسم الإنتاجية الجماعية ذات الصلة بالأرض بكل ما تحمله من معان وربما انتهت في العديد من المناطق وعلى رأسها موسم حصاد القمح والحبوب. 
ثمة علاقة حميمة بين الناس وشجرة الزيتون في هذا الجزء من العالم تجعل سيدة عجوزا في نهاية الثمانينيات تعاني العديد من الأمراض أقلها هشاشة العظام تصر على واجبها اليومي في حراسة الزيتون وتفقده، وحين يحين موسم القطاف تكون على رأس الأبناء والأحفاد في ملاحقة حبات الزيتون، ثمة قيمة اجتماعية وثقافية تتنامى حول قيمة الزيتون يمكن أن تتحول إلى قيمة اقتصادية تنافسية تعيد الاعتبار للزراعة وتعيد ترميم علاقة الناس وتحديدا الأجيال الجديدة بالأرض.
علينا أن نصدق قصة ترددت عن أطفال إحدى مدارس عمان أنهم لا يعرفون شكل سنابل القمح، ما يقودنا لحجم الفجوة المعنوية قبل المعرفية التي تفصلنا عن قيم الأرض والإنتاج، وما علينا أن نفعله لسد هذه الفجوة وهل يمكن أن يسد الزيتون هذه الفجوة. 
 يوجد في الأردن اليوم نحو 18 مليون شجرة زيتون؛ أي بمعدل ثلاث شجرات لكل أردني، حيث أخذت زراعة الزيتون تتنامى خلال العقدين الأخيرين بشكل واضح في مختلف أنحاء المملكة وتنتشر حقول الزيتون اليوم في الشمال والوسط والجنوب وفي الأرياف وعلى حواف المدن وفي حدائق المنازل، حيث تشكل زراعة أشجار الزيتون نحو 36 % من الثروة الشجرية في الأردن، الأمر الذي يدعو إلى التفاؤل أن أكثر من ثلثي هذه الأشجار زراعة بعلية أي لا تحتاج إلى مياه. خلال السنوات الاخيرة احتل الزيتون الأردني المرتبة السابعة عالميا من حيث الإنتاج والجودة، وتجاوزت المساحة المزروعة بالزيتون المليون دونم تنتج ما يقارب 185 ألف طن توفر نحو 26 الف طن من أجود انواع الزيت. 
كل هذه الحقائق، وما يرتبط بها من قيم ثقافية واجتماعية تدفع إلى التساؤل عن حجم الحاجة إلى خطة وطنية للزيتون تدفع إلى مضاعفة زراعته ومضاعفة إنتاجه واستهلاكه أيضا، وعلينا أن نتخيل حجم القيمة المضافة على الاقتصاد وعلى قيم الإنتاج والعلاقة مع الأرض وعلى صحة الناس، إنها سلسلة طويلة من الفائدة التي لا تحتاج أكثر من سياسات محفزة لزراعة الزيتون وتجويد إنتاجه وتطوير طرق تسويقه وخلق علامة تجارية اقليمية وعالمية للزيتون والزيت الأردني يحتفي بها السياسيون والمثقفون قبل المزارعين. لا أنسى قبل سنوات في نهاية مؤتمر متخصص في تكنولولوجيا البث التلفزيوني لم يجد مضيفونا هدية نعود بها من إسبانيا إلا علبة زيتون إسباني. 
 لا ينقصنا شيء لإطلاق استراتيجية وطنية للزيتون تهدف لمضاعفة زراعة وإنتاج الزيتون والزيت خلال عشر سنوات، ووضع مطالب مزارعي الزيتون بإنشاء مجلس أعلى لهذه الزراعة موضع التطبيق، ووضع سياسات تهدف إلى تطوير القدرة التنافسية الخارجية وحتى الاستهلاك المحلي.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  د.باسم الطويسي.   جريدة الغد