بعد مرور 40 عاما على حرب تشرين العظيمة، أو كما يحلو للأبطال المصريين تسميتها بحرب أكتوبر، التي أسس لها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر عندما عزز الجيش المصري بالخبرات والمهارات المطلوبة، ووسع قاعدة  التصنيع العسكري، وأنجز ما تبقى منها الرئيسان الراحلان حافظ الأسد وأنور السادات.
عبر حرب تشرين التي كانت علامة فارقة في الصراع العربي الصهيوني، ونموذجا عمليا للعمل القومي المشترك، الذي يسعى لتحرير الأوطان من كثير من الشوائب التي علقت بها،  وخصوصا بعد "الخريف العربي"، الذي كشف عن عمق العلاقة بين من يسمون أنفسهم أنصارا للحرية والديمقراطية، والمشروع الصهيوني الغربي في المنطقة، وكذلك العلاقة العضوية التي ربطت هذه المشاريع مع بعض دول المنطقة، التي لن يهدأ لها بال، حتى تحقق مبتغاها في تفكيك الأمة، وتجزئتها بما يخدم مصالح أعدائها.
فحرب تشرين، هي محصلة مجمل ما سبقها من أعمال وانجازات، على طريق العمل القومي المشترك، وهي درس عملي للأمة بمجملها، لتحديد مصيرها وخياراتها عبر درس المقاومة والتحرير، وليس الاستسلام والخضوع للعدو الصهيوني عبر اتفاقيات الإذعان والارتماء في أحضان القوى الغربية، التي تعمل لتعميم ثقافة الخوف والهزيمة، لكن ما حدث في حرب تشرين العظيمة من انتصارات سطرها السوريون والمصريون، غيّر هذه المعادلة على صعيد الاستراتيجيات لدولة العدو الإسرائيلي، وكذلك على صعيد الاستراتيجيات الغربية.
فظهرت العديد من الدراسات الغربية والأميركية على وجه الخصوص، التي تؤكد على ضرورة تدمير الجيوش العربية،  وتعميم ثقافة "الاستسلام"، بين شعوبها عبر ما يسمى "السلام"، فسقط أنور السادات في هذا الفخ عبر توقيعه معاهدة كامب ديفيد، التي أفسحت المجال للآخرين لنهج هذا السلوك السياسي الذي كسب منه الكيان الصهيوني الكثير الكثير وخسر العرب.
وعندما لم تكتمل منظومة الاستسلام العربي، كان لا بد من تنفيذ الخطة "ب"، والتي تقضي بإنهاء الجيوش العربية وتحويلها لأداة قمع داخلية، عبر تخفيض عدد الجيوش وتجهيزاتها العسكرية، وإجهاض فكرة تحرير فلسطين من عقيدتها القتالية. كان لابد من القضاء على الجيش العراقي فكانت حرب الخليج الأولى والثانية، وأتمها ثوار الدبابة الأميركية بالموافقة على حل الجيش العراقي، وهكذا تم المراد بالقضاء على الجيش العراقي وتحييد الجيش المصري.
ولكن ما العمل بالنسبة للجيش السوري؟ كان لابد من تفكيكه، فجاءت الفرصة على طبق من ذهب؛  عندما قدمت رياح الخريف المحملة برائحة النفط والغاز، عبر "ثوار الناتو"، لترويج فكرة "دمقرطة" سورية، والهدف كان تدمير سورية جيشاً وشعباً واقتصاداً، لمصلحة العدو الصهيوني والغرب. ما حدث في مصر مؤخرا يحمل مؤشرات إيجابية، على أن مصر جمال عبدالناصر قادمة لا محالة، وأن سورية ستستعيد عافيتها ولو بعد حين، وأن ما يحدث في سورية ومصر وليبيا، قد فتح عيون الأمة على مشاريع الظلام التي تحاك ضدنا،

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   جهاد المحيسن