اكدت السنوات القليلة الماضية ان عمان العاصمة الرشيقة الانيقة التي كانت الى يوم قريب تباهي العواصم من حيث الرتابة والنظافة، اصبحت اليوم مثقلة بازدحام مبرر وغير مبرر، وانخفاض مستوى البنية التحتية والخدمية وسط غياب عزيمة ادارة شؤون العاصمة وهذا التقصير يتقاسم مسؤوليته كل من الامانة، وادارة السير، ووزارات عديدة، وعامة المواطنين وساكنيها.

عمان التي تستوعب نحو 40% من السكان، تحتاج الى ادارة حازمة من حيث تنظيم المرور، وادامة وصيانة الشوارع والمرافق العامة، هذا بالنسبة للاجراءات العاجلة، اما الاجراءات المتوسطة والطويلة الاجل تتطلب سياسات بلدية وجمركية ومالية عصرية، بدءا بترحيل مبرمج للمشاريع الملوثة للبيئة والبصر والسمع، واتاحة الفرص امام القطاع الخاص لتنفيذ مشاريع متعددة ومتخصصة بنقل الركاب العام وفق نظامي البناء والتشغيل واعادة الملكية (BOT) او البناء والتشغيل والتملك (BOO) حتى لا تتذرع الحكومات بنقص الاموال والمخصصات لاقامة مشاريع نقل الركاب.

يقال ان تخطيط المدن الكبرى والعواصم يرسم لمائة عام، وهناك مناطق حيوية في العواصم لا تمس وهي قاع المدينة (وسط المدينة) منذ قرون مع اعتماد صيانة مدروسة، وان التوسع يتم في الاطراف، ولايمكن السماح للشاحنات والمثقلات بالمرور في الشوارع، وفي اضيق الاوقات يتم السماح لها المرور في مسرب محدد وهو الايمن وخلال ساعات معينة، وفي هذا تخفيف من وطأة الشاحنات وخلاطات الاسمنت وصهاريج المحروقات، واخيرا وليس آخرا صهاريج المياه المخصصة للشرب التي تعمل على مدار الساعة في ضوء استحكام ازمة ادارة المياه المخصصة للاستخدام المنزلي في العاصمة وعدد من المحافظات الاخرى.

اطرف إجراء تابعته قبل اسابيع تصريح لدائرة السير كان بمثابة مناشدة لسائقي الشاحنات ان يراجعوا دائرة السير لتحديد الاوقات والطرق المسموح بها للشاحنات، وهذه المناشدة لن تجد اذانا صاغية، اذ المطلوب الاعلان في وسائل الاعلام من تلفزيون واذاعة والصحف المحلية وتثبيت لوحات ارشادية لمنع التجاوز على العاصمة وحقوق المواطنين تحت طائلة المسؤولية، وبالمناسبة عمان ليست العاصمة الوحيدة التي تمنع مرور الشاحنات الكبيرة، وانما تقوم بتبني وتنفيذ خطط واجراءات محكمة ومع الوقت تجد التزاما صارما وبقناعة واحترام لهذه الاجراءات.

يوصف النمو السكاني في الاردن وعمان بشكل خاص بأنه كبير جدا، وهناك حاجة متنامية للخدمات المتنوعة، وان عدم ازالة المناطق الحرفية والصناعية التي تتداخل مع الاحياء من صناعة الطوب وقص الحجر وخلط الاسمنت الجاهز وورش النجارة والحدادة تحتاج لوضع خطة تربط بحدود زمنية لنقل هذه المنشآت الى مناطق ملائمة وتخليص العاصمة من تلوث مستمر، وهذه المنشأت من المحركات الرئيسة للازدحام المروري وهي سمة ملازمة للعاصمة في الصيف والشتاء، وبدون ذلك سنجد انفسنا قد اغرقنا وغرقنا في دوامة من التلوث وازدحام يفوق عواصم المنطقة.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  خالد الزبيدي   جريدة الدستور