هناك ميل وشغف للاقتراض من الأسواق الدولية، بعد أن انهكت الحكومات السيولة المحلية واقترضت نحو 10 مليارات دينار على شكل سندات واذونات خزينة أي ما نسبة 40% من محفظة التسهيلات والقروض لدى الجهاز المصرفي، والتحدي الأكبر يكمن في توظيف حصيلة القروض الجديدة في نفقات معظمها جارية، وهذا النمط من الاقتراض يرفع الدين العام الى مستويات خطرة بعد ان اختبر حاجز 70%، وهذه النسبة تعني التجاوز على قانون الدين العام، وهذا الوضع يفترض ان يدفعنا للوقوف امام مسؤولياتنا، والحد من الاقتراض وعدم تسويق الاقتراض على انه انجاز كبير وخير عميم.
خبر هنا يبشر بموافقة اليابان على تقديم قرض ميسر للاردن بمبلغ 300 مليون دولار، وخبر آخر عن موافقة للحصول على دفعة كبيرة من قرض صندوق النقد قدرها 750 مليون دولار، الى ذلك من الاخبار التي تعني اننا مستمرون في الاعتماد على الغير، وندير الظهر لعناوين رئيسة لبرامج التصحيح والاصلاح خلال العقدين الماضيين في مقدمته تعزيز مبدأ الاعتماد على الذات بخاصة في توفير ايرادات محلية تغطي على اقل تقدير النفقات الجارية، الا ان التوسع في النفقات الجارية ضمن موازنتي الدولة / العامة والمستقلة يتجاوز القدرة في زيادة الإيرادات المحلية، ويعيدنا الى المربع الاول في لعبة الاصلاح واعادة بناء الاقتصاد والمالية العامة.
التوجه للاقتراض يصاحبه تعهدات عربية ودولية لتمويل مشاريع تنموية في قطاعات عدة في مقدمتها مشاريع البنية الاساسية من طاقة متجددة ومياه وصحة، وهذه التعهدات تحتاج الى عزيمة قوية لتقديم سلسلة من المشاريع التنموية على مستوى الدولة او على المحافظات، وان الاسراع في تحريك عجلة هذه المشاريع ستفيد القطاعات الاقتصادية، وتوفر المزيد من فرص عمل طارئة خلال فترة انجاز المشروع، ومستدامة خلال دخول المشاريع مرحلة التشغيل، وتقديم الانتاج الخدمي والسلعي للمواطنين والمستفيدين، اي أن هناك قنوات اضافية لتنفيذ مشاريع تنموية كبرى تساهم في تحسين بيئة الاعمال والاستثمار، وهذه الجهود مجتمعة تخفف عن كاهل الموازنة، من خلال تقليص البرنامج الراسمالي الى حدود متدنية، دون الاضرار بمستويات الخدمات.
عشرات الكتب والأبحاث تشير الى ان الغرب الصناعي ومؤسسات التمويل الدولية يفضل ان تقترض الدول النامية لكافة الاستخدمات بعيدا عن العقود العسكرية التي لا تبتعد في سياساتها عن اصحاب القرار في عواصم المال الغربية، وهذه الرغبة مفادها أن الاقتصاد يتحكم بالسياسة بقراراتها، وكلما زاد الاقتراض تخسر الدولة قدرتها على المناورة، وترتفع كلف الانتاج التي تصل الى مستويات عالية وتتدنى قدرة الاقتصاد على المنافسة في الاسواق الداخلية واسواق التصدير، هناك أبعاد كثيرة لمصائب الاقتراض الذي يعد آفة التنمية.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة خالد الزبيدي جريدة الدستور