"وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ".
ما إن دخلت الولايات المتحدة الأميركية في حربها المجنونة ضد الإرهاب، وتعزيزها لخطاب "الإسلام فوبيا" في العالم بأسره، حتى خرج مارد التطرف الديني من قمقمه، وبدأنا ندفع ضريبة الدم المسال بالمجان في مشارق العالم ومغاربه.
وبدأ الكل، ولا يستثنى من ذلك أحد، يوظف النصوص بما يخدم فكرة أو أفكاراً مجنونة، لا تمت للواقع أو التاريخ أو الدين بصلة. 
التطرف ليس بالقتل وحده، بل هو منظومة متكاملة، تحولنا إلى مجتمعات ما قبل القبيلة ودون المشاعية البدائية، بحيث لا يمكن أن تجد لها وصفاً في معاجم الدنيا كلها.
الحرب التي قادتها الولايات المتحدة الأميركية والغرب ضد العراق وفتتته، سهّلت ولادة هذا الشكل المتدني للتطرف. وكانت حرب الطوائف وما تزال تستعر نارها بعد خروج الاحتلال. ولم يتم الاكتفاء بذلك، بل برز شكل جديد للتطرف والمغالاة لا يمكن وصفه وتفسيره. فبعد أن أشبعنا الغرب بالحديث عن دكتاتورية صدام حسين، وأن العراق سيصبح واحة للديمقراطية والتعايش السلمي بعد تقويض أركان حكمه والعراق كله، بدأت المكبوتات التاريخية بالعودة للظهور، وكأن العراق يعيش قبل ألف وخمسمئة سنة. والحال تنسحب على باقي الوطن العربي!
المصادقة على قانون الأحوال الشخصية العراقي الجديد يشكل نموذجا باهتاً ومؤذيا لصورة المسلم. فقانون الأحوال الشخصية والقضاء الجعفريان، يغذيان الطائفية؛ فيميزان بين العراقيين على أساس الطوائف. كما يخرقان حقوق المرأة والطفل؛ إذ يخفض سن الزواج من 18 عاما للذكور والإناث حسب قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959، إلى سن تسعة أعوام للإناث و15 للذكور.
وفي المادة 16 منه، يعرّف هذا القانون البلوغ: "البلوغ بمعنى إكمال تسع سنوات هلالية وفقا للتقويم الهجري عند الإناث، وإكمال 15 سنة هلالية عند الذكور، أو تحقق إحدى العلامات البدنية المعتمدة لدى فقهاء المسلمين في إثبات البلوغ عند الذكور". وفي باب النكاح، تنص المادة 50 في القانون على أن: "الأب والجد العاقلان المسلمان من طرف الأب، لهما حصرا ولاية التزويج على الطفل الصغير والصغيرة". وفي فصل "أحكام العدّة والمفقود زوجها"، استثنت المادة 154 من القانون وجوب الاعتداد لـ"الصغيرة التي لم تكمل تسع سنوات هلالية من عمرها، وإن دخل بها الزوج".
هذا النموذج البائس الذي يتم تقديمه في العراق الجديد، عراق الملل والنحل، عراق ما بعد الاحتلال، هو نموذج بائس لطغيان الأفكار المظلمة، سوف تصل عدواها إلى باقي الطوائف الإسلامية، وعلى رأسها الطائفة السنية التي فرخت "القاعدة" و"جبهة النصرة" و"داعش"، وسم ما شئت.
أليس هذا وأدا للبنات القصر؟! أشعر بالقشعريرة عندما أسمع أن طفلة في التاسعة من عمرها تساق للزواج.
يكفينا قتلا باسم الدين,. والقتل ليس بالدم والموت وحده، بل عندما تموت الإنسانية فينا!

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   جهاد المحيسن