تعهد رئيس الوزراء سمير الرفاعي عند رده على كتاب التكليف السامي بأن ترفع الحكومة خطط عمل وبرامج الوزارات إلى جلالة الملك قبل انقضاء شهرين على تشكيلها. والتزاما منها بذلك ستلتئم الحكومة اليوم وغداً لمناقشة هذه الخطط والبرامج للوصول إلى اتفاق حولها من قبل جميع أعضاء الطاقم الوزاري، وبالتالي الالتزام بكل ما جاء فيها، والعمل بروح الفريق الواحد لإنجازها.
وفي هذا المجال لابد من التأكيد على محور بالغ الأهمية يجب أن تتضمنه الخطط والبرامج الحكومية، حتى لا يكون مصيرها كمصير معظم سابقاتها! وما نعنيه هنا هو محور المتابعة والتقييم.
 نظم المتابعة والتقييم تعد من الأدوات الرئيسية في مجال الإدارة العامة، لما لها من دور فاعل في تمكين المسؤولين وصناع القرار من رفع كفاءة التخطيط الكلي والقطاعي، وإعداد موازنات الأداء، والتخصيص الأمثل للموارد، وزيادة مستوى الشفافية والمساءلة، وتعزيز المشاركة في عملية اتخاذ القرار، وتمكين جميع ذوي العلاقة، وعلى رأسهم المواطنون، من متابعة نتائج البرامج والسياسات التي ستقوم الحكومة بتنفيذها، ومعرفة ما يعمل منها وما لايعمل وتحديد الأسباب التي تقف وراء ذلك. وعلى الرغم من ذلك كله، فإن ثقافة المتابعة والتقييم ما تزال غائبة عن معظم الوزارات والمؤسسات، حتى لا نقول جميعها.
وربما يكون لذلك أسباب عدة، قد يأتي في مقدمتها الخوف من المساءلة في حالة عدم التنفيذ الكفؤ، أو عدم تحقيق الأهداف المرجوة، أو سيطرة أسطورة النجاح على الإدارة العامة، حيث يرغب المسؤول بإظهار، أو التظاهر، بأن الأمور تسير على أكمل وجه وحسبما هو مخطط لها، وأن النتائج عظيمة أو على الأقل إيجابية، وربما يكون من الأسباب الأخرى جهل المسؤولين بعملية المتابعة والتقييم، مع أن هذا احتمال يكاد أن يكون ضعيفاً.
والتقييم قد يكون نهائياً، أي بعد الانتهاء من التنفيذ، أو مسبقا، أي قبل البدء به، وهو ما ستقوم به الحكومة اليوم وغداً، حيث يهدف هذا النوع من التقييم إلى الإجابة عن أسئلة في غاية الأهمية تتعلق بمدى الجاهزية المؤسسية للتنفيذ، وملاءمة البرامج والمشاريع لأهداف الحكومة، وقابليتها للتنفيذ، ومقارنة عوائدها الاقتصادية والاجتماعية بالتكاليف المالية وغير المالية المترتبة عليها. وخلاصة القول إن هدف هذا التقييم هو ضمان أن لا يكون الفشل مبرمجاً منذ البداية، وبالتالي تكون النتائج كارثية.
 ولنجاح المشروع أو البرنامج في تحقيق أهدافه يفترض أن يتم إعداده وفق ما يسمى بمصفوفة الإطار المنطقي (Log Framework Matrix) التي تحدد ما يرمي البرنامج إلى تحقيقه، سواء في الأجل القريب أو البعيد، من مخرجات وغايات وأهداف عامة بعد أن يكون قد تم تحديد النشاطات والمدخلات المطلوبة، بما في ذلك حجم التمويل. ويتم في هذا الإطار تحديد المستفيدين من البرنامج، ونطاقه الجغرافي، وفترته الزمنية، وتحديد الافتراضات التي يقوم عليها، والمخاطر التي قد يواجهها. علماً بـأن بعض هذه المخاطر قد يكون قاتلا، وقد يتوصل الجميع عند مناقشتها إلى نتيجة مفادها أن من الأفضل عدم السير في التنفيذ.
وللأسف أقول إنه عند مراجعة الخطط والبرامج التنموية السابقة في الأردن نجد أن مفاهيم المتابعة والتقييم كانت غائبة عن الغالبية العظمى منها. ولا نبالغ إذا قلنا إنه على الرغم من الحديث المتكرر من قبل الحكومات الجديدة عن أهمية متابعة الإنجاز والبناء على ما قامت به الحكومات السابقة، فإننا لم نرَ أو نسمع يوماً عن برنامج تمّ تقييمه لتحديد نقاط قوته وضعفه بغية تعظيم الاستفادة من الأولى وتجنب الثانية. فقد جاءت حكومات عديدة وذهبت هي وبرامجها من دون أن ندري ما حدث لها وكيف ولماذا؟
وفي ضوء ذلك، فليسمح لنا دولة الرئيس أن نطلب منه التأكد من أن ما سيقدمه أعضاء الحكومة من برامج وخطط عمل تتضمن آلية واضحة للمتابعة والتقييم، وإلاّ فليردها إليهم طالباً منهم القيام بذلك.

المراجع

alghad.com

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   د.تيسير الصمادي   محليات