بنوك الظل تعبير حديث العهد في الأدبيات المالية، ويعني المؤسسات المالية غير المصرفية الخاصة التي توفر التمويل للأفراد والشركات الصغيرة والمتوسطة، للأغراض الاستهلاكية والإنتاجية. وعادة ما تكون هذه المؤسسات وسيطاً بين المستثمر والمقترض، وتحقق أرباحها إما من خلال الفرق بين أسعار الفائدة التي تدفعها للطرف الأول وتحصلها من الطرف الثاني، أو من خلال رسوم أو عمولات تفرضها على المقترض.
ومن الأساليب التي تلجأ إليها بنوك الظل لتوسيع نشاطاتها وتعظيم أرباحها، الإدعاء بأنها توفر التمويل للعملاء بشروط أيسر وإجراءات أبسط وضمانات أفضل مقارنة بالبنوك التقليدية. كما تعمد إلى تعيين وسطاء تكون مهمتهم تسويق منتجاتها مقابل عمولات تزداد كلما استطاع الوسيط وضع المزيد من الشروط على المقترض لزيادة أرباح الشركة. وتزداد خطورة الدور الذي يلعبه هؤلاء الوسطاء كلما كانت نسبة "الأمية المالية" مرتفعة، وهذا ما دفع البعض لوصفهم بـ "وسطاء التضليل"!
وفي الوقت الذي تعمل فيه البنوك التقليدية ضمن إطار مؤسسي يسهم في حماية جانبي المطلوبات والموجودات من خلال وجود مؤسسات لضمان الودائع وبنوك مركزية تمثل ملاذاً أخيراً عندما تحتاج الى سيولة، فإن بنوك الظل تفتقر إلى ذلك، الأمر الذي يعرضها لمخاطر السوق، وخاصة مخاطر السيولة. وفي حال عدم قدرتها على الحصول على التمويل، بشكل مباشر أو غير مباشر، فإنها قد تتعرض للإفلاس، وتؤثر بالتالي على استقرار الجهاز المالي، وهذا ما حدث فعلاً خلال الأزمة المالية الأخيرة حيث انهار معظمها واتهمت بأنها كانت من أسباب تلك الأزمة.
ومن المشاكل الأخرى التي تساهم بنوك الظل في خلقها ارتفاع حجم الديون غير المضمونة والمحافظ ذات النوعية المتدنية، حيث إن أغلب من يلجؤون للاقتراض منها هم الأفراد أو الشركات ذوو الملاءة المالية المتدنية، الذين تحجم البنوك المرخصة عن توفير التمويل لهم، وقد أدى هذا العامل أيضاً إلى تضخم المحافظ عالية المخاطر وأسهم في إشعال نار الأزمة المالية العالمية.
وفي ضوء ذلك، فقد تزايدت الدعوات مؤخراً في الدول الغربية لوضع التشريعات الصارمة والأُطُر التنظيمية المناسبة التي تحكم عمل بنوك الظل للحفاظ على سلامة ومنعة الجهاز المالي. بل ذهب البعض الى الدعوة لإخضاعها للمعايير نفسها والإجراءات المفروضة على البنوك، من منطلق أن المؤسسات التي تقوم بما تقوم به البنوك يجب ان تخضع لما تخضع له البنوك.
وبعد، فقد ظهرت في الآونة الأخيرة دعوات أو محاولات لإنشاء صناديق ومؤسسات لتوفير التمويل للأفراد؛ إما للأغراض الاستهلاكية على إطلاقها، أو لتمويل شراء العقار بحجة تحفَُظ البنوك في منح التسهيلات الإئتمانية الملائمة! وفي الوقت الذي لا نستطيع فيه الدعوة إلى عدم ترخيص مثل هذه المؤسسات من منطلق إيماننا بحرية السوق، فإننا ندعو لإخضاع هذه المؤسسات، أو بنوك الظل، في حال إنشائها إلى الضوابط والتعليمات ذاتها التي تخضع لها البنوك المرخَصة من قبل البنك المركزي، لا بل نذهب إلى أبعد من ذلك لندعو إلى إخضاعها لسلطة البنك المركزي المباشرة، لما لها من أثر مباشر على سلامة ومنعة القطاع المالي.

المراجع

alghad.com

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   د.تيسير الصمادي   اقتصاد   بنوك