تتزامن استضافة الأردن لاجتماع وزراء خارجية دول جوار سورية، والذي عُقد في مخيم الزعتري، مع افتتاح المخيم السادس للاجئين على الأراضي الأردنية، هو "مخيم الأزرق"، والذي شيد على أساس أن الأزمة السورية مستمرة لفترة أطول، وبلغت كلف إنشائه 45 مليون دولار، فيما تصل طاقته الاستيعابية القصوى إلى 130 ألف لاجئ.
وحسب التقديرات الرسمية، فقد بلغت أعداد اللاجئين السوريين المسجلين رسميا نحو 600 ألف لاجئ، وأعداد السوريين الموجودين في المدن والمحافظات الأردنية نحو 700 ألف شخص. وهذه الأرقام تشكل زيادة تصل إلى 
20 % على عدد السكان، وتعني كلفا هائلة؛ ليس بالمفهوم المباشر للكلف الاقتصادية اليومية، بل كلف أخرى مضاعفة على البنى التحتية وعلى الموارد، وكلف اجتماعية وأمنية غير منظورة. 
ما يزال الأردن الرسمي يتحفظ على إطلاع الرأي العام الدولي والإقليمي على حجم الفاتورة الاقتصادية والاجتماعية والأمنية الفعلية التي سيدفعها الجيل القادم، أي أولئك الذين ما يزالون على مقاعد الدراسة الجامعية، نتيجة هذه الزيادة القسرية في أعداد السكان. وما يزال الخطاب الرسمي الموجه إلى المجتمع الدولي خطابا قائما على طلب العون والمساعدة، ولم ينتقل إلى خطاب قائم على الشراكة في تحمل المسؤولية. صحيح "أن الأردن دوما كان ملاذا للمظلومين"، ولكن هذا الخطاب لا يطعم الأردنيين خبزا، ولا يخفف من مصاب السوريين.
ماذا عن اليوم التالي، إذا ما انتقلت المواجهات العنيفة إلى جنوب سورية مع استمرار تقدم الجيش السوري على جبهات المواجهة؟ وماذا إذا احتشدت التنظيمات المسلحة وأعادت تموضعها الاستراتيجي في جنوب سورية، وبمحاذاة الحدود الشمالية الأردنية، ما سيجعل الموقف الأردني أكثر حساسية وتعقيدا؟ فما يحدث على الحدود الشمالية الأردنية يعني لعمان اليوم، استراتيجيا وسياسيا، معاني مختلفة تماما عما يعنيه للعواصم كافة التي تريد تغيير النظام في دمشق بأي ثمن.
الأردن الرسمي عليه أن يقلب صفحة المهادنة والرجاء في وجه المجتمع الدولي ودول الإقليم التي تدير الأزمة، ولا تريد أن تساهم فعليا في تخفيف مأساة الشعب السوري، وتقليل وطأة النزوح. وعليه (الأردن الرسمي) أن يقدم خطابا آخر لا يتخلى بأي شكل عن التزامه القومي والإنساني حيال اللاجئين على الأراضي الأردنية، ولكنه لا يسمح في الوقت نفسه لدول الإقليم في أن تتفنن في إدارة الأزمة على حساب الشعب السوري والدولة الأردنية معا.
انعكاسات اشتداد الأزمة السورية، تضع المخيمات الستة على فوهة بركان، وتفرض عدة سيناريوهات في معركة الحسم التي من المتوقع أن يبدأ الحديث عنها خلال أشهر قليلة. علينا أن ننظر بعين الاعتبار إلى الكلف الأمنية، وإلى تقدير الموقف الداخلي ومدى القدرة على تطوير رؤية أردنية لشكل الحسم، وتحديدا لشكل التموضع الاستراتيجي في جنوب سورية خلال الأسابيع أو الأشهر القليلة المقبلة، وعلاقة كل ذلك بالمخيمات وبالسياسات التي يجب أن يتم تطويرها لإدارة اللاجئين، وإدارة الخطاب الموجه للعالم وللإقليم، وقبل كل ذلك للرأي العام الأردني.

المراجع

alghad.com

التصانيف

صحافة  د.باسم الطويسي.   جريدة الغد   علوم سياسية