لم نتعلم مثلا في طفولتنا كيف نُعبر بهدوء عن مشاعرنا، وعن إتقاننا للعبة التراب كأصل في حياتنا للآن، أو عن أخطائنا إذ نحاول عد نجوم السماء، أو جرأتنا في التسلق على جدار الجيران إرواء لفضولنا البريء وقتها.
إن هؤلاء الكبار الحكماء هم البدلاء عنا منذ تلك الطفولة في كل شيء، فهم الذين يختارون أحذيتنا بمقاساتها الأوسع نمرة من أقدامنا النازعة للنمو، وكذا ملابسنا المبحبحة كأطفال. ولا أفهم للآن كأب لماذا نتلذذ ونحن نستحوذ على كل هذه التفاصيل نيابة عن أطفالنا من الجنسين، رغم أن بوسعنا الاكتفاء بفضيلة دفعنا لأثمان مثل هذه الاحتياجات فقط، فنهيئهم للاستقلال عنا منذ اللحظة إن كنا مؤمنين بذلك ابتداء.
يبدو أن استحواذنا على تلك الفضيلة/دفع الأثمان لاحتياجاتهم/ بقي واسعا إلى حد إصرارنا الدوري في الأعياد والمناسبات على اختيارنا للألوان التي نحبها عليهم لا التي يحبونها هم كأطفال، رغم أن السعر المدفوع سيبقى واحدا في كلا الحالين.
رغم اختلاف أجيالنا؛ لاشك أن مساحة وعناوين الأمور التي استمر آباؤنا القيام بها، نيابة عنا وفقا لرؤيتهم هم فقط وكتعبير عن دوام إعالتهم الفكرية والمعاشية لنا باستمرار، بافتراض أننا لا نكبر إلا بسنوات العمر، من دون أن يرافق هذا الاستحواذ بجزء من التعليم أو التهيئة القبلية لنا كأبناء يافعين أو شباب، كي نشعر بقدرتنا على القيام بمثل تلك المهمات بصورة مستقلة عنهم.
لقد بقي جُلنا اتكاليا على "الحكماء الكبار" حتى في اختيار الزوجة أحيانا، وبالتالي حرصنا الضمني على تبيان موافقتهم على أصدقائنا من البشر أو الحيوانات التي لم نقم بتربيتها أصلا كما الحال هذه الأيام، ولا انسى مصروفنا اليومي القليل أصلا، علاوة كيفية إظهارنا أو كبتنا لمشاعرنا نحو أجسادنا أو نحو الآخرين من الكبار أو من زوارنا النادرين هذه الأيام.
وبناء على ما سبق؛ تساءلت كيف لي أن أعرف أو أصنف علميا وحياتيا، ما أنماط التنشئة الاجتماعية والسلوكية التي تلقاها هؤلاء الأفراد عندما كانوا أطفالا مثلنا، الذين قاموا في السلوكيات التي نُشرت في بعض وسائل إعلامنا الأردنية؟، وهل نحن أبناء مجتمع وتربية واحدة: مواطن أردني يبيع وآخر يشتري بالتأكيد هاتف خلوي بمبلغ ثمانين ألف دينار أردني. مواطن يعرض للبيع قطة نوع شيرازي بمبلغ مائة ألف دينار. مسيرة هادئة للكلاب والقطط في احد أحياء عمان الراقية. استعراض للكلاب الجميلة في منطقة عبدون.
واترك لك عزيزي القارئ الحرية ولو لمرة واحدة رجاء مساعدتي كباحث على تفسير الذي سبق لطلبتي الباحثين بدورهم في التخلص من خبرات طفولتنا المؤلمة، كي لا أقول التخلص من وصمة الانتساب أو التكسب التنموي تحت عنوان "المناطق أو الفئات الأقل حظا" لا فرق باعتقادي.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة د.غسان الطالب. جريدة الغد