بثقة يمكن القول ان الاردن في مقدمة الدول العربية من حيث المبادلات البينية اذ تشكل اكثر من 50% من التجارة الخارجية للمملكة، وبالرغم من توقيع الدول العربية سلسلة كبيرة من الاتفاقيات الثنائية والمتعددة الاطراف بخاصة اتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى التي تضم 16 دولة تسمح بالتجارة البينية بدون سقوف كمية بعيدا عن الحواجز الجمركية، وبعد مضى اكثر من عقد من الزمن ما زالت التجارة العربية البينية دون سقف 10% من التجارة الخارجية للمنطقة العربية، وهذه النسبة دون المستوى المطلوب وتضعف التعاون العربي العربي والاعتماد المتبادل في ظل عالم ينزع بقوة للتكامل والاعتماد في الصناعات والتجارة والخدمات على نطاق واسع بهدف زيادة القيمة المضافة للمنتجات والخدمات والموارد المتاحة.

المدير العام لمنظمة التجارة العالمية باسكال لامي قال خلال الملتقى العربي التشاوري للمنظمة الذي انعقد في عمان اول من امس ان على الدول العربية بناء تكتل او مجموعة اقليمية تجارية لتحسين واقعها الاقتصادي والتجاري في اشارة الى ان العالم تجاوز هذه المرحلة وانقسم العالم الى مجموعات واضحة المعالم والاهداف من الشرق الى الغرب، هذه الكلمات ليس جديدة من حيث الضرورة اقتصاديا وسياسيا، فالعمل العربي المشترك كان اسبق من العمل الاوروبي، الا ان الصراعات السياسية بين النظم العربية كانت وما زالت سيد الموقف، فقد ولدت تشوهات كبيرة وعطلت مسيرة التعاون الاقتصادي، وخلال العقدين الماضيين طرح النظام العربي مفهوم تقديم المصالح وريادة القطاع الخاص ليشكل جسرا للعلاقات العربية الا ان النتائج لم تثمر، وراوحت التجارة البينية العربية عند مستوياتها المنخفضة.

ان تأخير تحرير تجارة الخدمات والاجواء المفتوحة، وعدم بناء الخطوط البرية الدولية وشبكات السكك والخطوط البحرية المنتظمة، وشكلت القيود على حرية انسياب التجارة العربية بين الدول العربية، وعدم السماح للافراد لاسيما رجال الاعمال والمستثمرين بين الدول العربية اكبر العوائق التي تحول دون ارتفاع التجارة والاستثمارات بين اسواق المنطقة، وتمترست الدول ذات الفائض المالي وراء فرض قيود صارمة على تنقل الافراد ووضعت شروط غير جمركية امام انسياب السلع والخدمات بينما تسمح للسلع والافراد الاجانب ارتياد اسواقها.

الازمة المالية العالمية التي دخلت عاما خامسا دون بارقة امل للرد عليها او الافلات من تداعياتها، ونجد منطقة اليورو تتخبط تحت وطأة ازمة الديون السيادية، وامريكا تغرق في عجوز مالية وديون متنامية كمن يغوض في بحر من الرمال المتحركة، نجد الدول العربية تعيش حالة انتظار متأثرة من انعكاسات ما يسمى بـ « الربيع العربي»، علما بان الرد على التطورات في الدول العربية يكمن في استثمار الموارد في اوطانها واتاحة الفرص للتشغيل والانتاج للمتعطلين عن العمل الذين يفضلون الموت في الشوارع على جوع طال امده، ان توظيف الموارد البشرية والمالية والطبيعية بحكمة وعدالة يمكن المنطقة من اللحاق بالاقتصادات الصاعدة، والبديل توقع فوضى مزمنة مؤلمة وهذا ما نخشاه.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  خالد الزبيدي   جريدة الدستور