قيض لي مؤخرا متابعة حلقة من برنامج "للنشر" للإعلامي طوني خليفة بثت على شاشة تلفزيوني "الجديد" والـ LBC اللبنانيتين، حول تعرف طفلة تدعى سيرينا تقيم في إحدى دور رعاية الأطفال في الأردن على والدتها اللبنانية التي انقطعت صلتها بها منذ سنوات.
عاشت سيرينا مجهولة النسب في إحدى دور الرعاية بعمان لمدة ثلاث سنوات، بعد ظروف غامضة لفت قصة اختفائها، إذ أن والدة سيرينا (اسمها شاهيناز) انتقلت أثناء حملها بابنتها من لبنان إلى الأردن للعمل عام 2008، وعند موعد الولادة ذهبت إلى مستشفى البشير لولادة طفلتها، لتبدأ قصة فقد ابنتها.
لا أريد تفحص أسباب ابتعاد شاهينازعن طفلتها، ولا عدم قدرتها والأب (تبين أنه سوري الجنسية) العودة إلى عمان، والبحث عن الطفلة، ولكني أردت الوقوف عند نقطة مهمة لفتت نظري خلال عرض الحلقة، وهي سبب عدم تسليم الطفلة إلى والدتها الأصلية.
حضرت شاهيناز للأردن برفقة فريق عمل برنامج "للنشر"، لمتابعة حلقة التعرف على الطفلة، وتصوير ما حصل لحظة بلحظة، وبالفعل وبعد تجاوز عقبات قانونية اعترضت شاهيناز في المطار، تم جمع الأم بالطفلة التي تقيم في دار الكاظم للبراعم البريئة.
القصة مؤثرة ولحظات اللقاء دائما تكون مفعمة بالدموع والعبرات والحنين، ولكن ما استوقف هو ما كانت تجده سيرينا في دار الرعاية التي تقيم فيها، وما قاله طوني خليفة عن العناية والرعاية التي تقدم هناك، والحنان الذي لمسه من قبل القائمين على الدار مع كل الأطفال، ودور مديرة الدار في أن تكون أما حنونا لكل من عندها من أطفال.
لم تعد سيرينا مع أمها شاهيناز إلى لبنان، ليس بسبب عقبات مستحيلة وضعها القائمون على الدار، وطلب من شاهيناز إجراء فحص "دي أن إيه" الخاص بالأم والطفلة، وهذا إجراء عادي، ولكن الأهم كان الطلب من الأم توفير مكان في لبنان ملائم للطفلة يوازي المكان التي كانت تقيم فيه بالدار.
بالفعل عرض تلفزيونا L B C والجديد، مقارنة بين مكان سكن الأم في لبنان، ومكان إقامة الطفلة في دار الكاظم في عمان، فكان الفرق كبيرا وواضحا، ولا يوجد مقارنة بينهما.
طوني خليفة بدا مقتنعا إلى حد كبير بطلب المسؤولين في الدار، ووجدها فرصة مناسبة للتعبير عن دهشته وانبهاره بما شاهده من رعاية وحنان، وتواصل بين المشرفين والأطفال في الدار، فضلا عن النظافة والرعاية التي تحدث عنها مطولا، وأفرد جزءا خاصا ليتحدث عن مكان نوم الأطفال ولعبهم وعلاقتهم مع مديرة الدار التي ظهرت على شاشة التلفاز وهي تحتضن سيرينا بحنان ظاهر عليها.
للحق فإن ما قاله طوني خليفة عن مشاهداته في الأردن، وشكره لمكتب الملكة والتلفزيون الأردني الذي ساهم أيضا في إيجاد الطفلة وجمعها بوالدتها وما صورته المحطات اللبنانية في الأردن، كان محط إعجاب وضوء أمل في لجاج ما شاهدناه وقرأناه من فضيحة في بعض دور رعاية أصحاب الإعاقة.
بالفعل ما شاهدته على شاشتي الجديد والـLBC وشهادة طوني خليفة جاء كرد الروح إلى الجسد، وإيذانا بوجود طاقات أمل، وأيدٍ حانية تعمل بصمت، كفيلة بإخراجنا من صدمة دور رعاية المعاقين وما شاهدناه في تقرير الزميلة حنان خندقجي الذي أثار ردود فعل غاضبة محقة.
لمثل دور الرعاية التي تعمل بالطريقة عينها التي تعمل فيها دار الكاظم لرعاية البراعم الصغيرة نقول بوركتم، وبوركت جهودكم، والى الإمام لتعميم الضوء، ونشره في دور الرعاية الأخرى سواء تلك المخصصة للبراعم الصغيرة أو للمسنين والمعاقين.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد جهاد المنسي