الحكومة الجديدة: الحوار مغلق ... ولا عزاء للسيدات

أمضت الحكومة الجديدة يوم أمس في استقبال المهنئين الذين توافدوا من كافة أرجاء الوطن، فيما استقبل البعض الآخر الذي لم يحضر لتقديم واجب التهنئة، تكليف الدكتور النسور برئاسة الحكومة بحماسة، ورغبة في رؤية النور في نهاية النفق.
أُعلن التشكيل الحكومي بسرعة فائقة، وضم شخصيات جديدة، وأبقى على آخرين، ولكنها للحق كانت رشيقة من حيث العدد، وضم التشكيل شخصيات من محافظات مختلفة، وإن غابَ بعضها عن التشكيل.

 

فعلا لا نريد أن نكرس مبدأ المحاصصة، وهذا يحسب للحكومة لا عليها، كما لا نريد تكريس مبدأ الجهوية والفئوية في التمثيل، وهو أمر يحسب للحكومة لا ضدها.
ولكن ما يحسب ضد الحكومة هو استبعاد المرأة من التشكيل، وهو تقليد استمر للأكثر من 12 عاما، وهذا كان صاعقا، خاصة أن شخص الرئيس وعددا من وزرائه لطالما تحدثوا عن المرأة ودورها في المجتمع، وأبدوا تحت قبة البرلمان انحيازا لها في مفاصل عدة.

 

القصة لا تكمن في تمثيل المرأة من عدمه، ولكنها كانت مقدمة لتثبيت أمر واقع اعتادت عليه الدولة منذ 12 عاما ويزيد، وكان يجب تكريسها، وإقناع قوى الشد العكسي التي لا ترى في المرأة سوى مخلوق تابع أن في الأردن نساء قادرات على تسلم قيادة المرحلة، ولديهن الإمكانية بأن يكنّ على الكرسي الأول في المسؤولية، وأعتقد أن الرئيس لو نظر جيدا لوجد أكثر من امرأة تستحق أن توزر.
كنت آمل أن نصل لمرحلة يكون فيها عدد الوزيرات السيدات يساوي عدد الوزراء الذكور، ولكن يبدو أن المشوار أمام المرأة طويل، وما زلنا بحاجة لإقناع المقربين منا بدورها، وحقها في التمثيل، قبل إقناع التيار المحافظ والمتشدد بذلك.

 

طوبى للنساء ولا عزاء لهن، وأعتقد أنها كانت فرصة مناسبة لكل المؤسسات النسوية، لإعادة ترتيب الأوراق، فالمرأة ليست ديكورا خارجيا (وإن أرادت نساء أن يكنّ كذلك، فهذا ليس حال الجميع، فهناك من النساء من يمتلكن رأيا ورؤية وعندهن الاستعداد للموت دون فكرهن ومعتقدهن)، إذ لا نريد أن نستعين بالمرأة عندما نريد القول للخارج إن لدينا وزارة لشؤون المرأة، ويتم استبعاد المرأة والوزارة معا عند أول منعطف، فالمرأة موجودة ومن حقها في دولة ديمقراطية تؤمن بالدستور والقانون أن تتسلم رئاسة الحكومة، وليس فقط موقع وزير أو أمين عام.
 نخشى أن الحكومة ستفاجئنا بالكثير ونحن الذين نعول عليها أن تفعل ما يرضي المواطن، ويعيد ثقته بالحكومات المتعاقبة. المواطن بات يتخوف من أن يصحو يوما على خبر رفع الدعم عن المحروقات والمواد الأساسية.

 

لدى الحكومة الإمكانية أن تعيد بعض التوازن لمشكلة الموازنة دون الاتكاء على جيب المواطن، فوقف التهرب الضريبي يمكن أن يسد الكثير من فَرق الدعم، كما أن التعامل مع ضريبة المبيعات بعدالة  وشفافية يخفف أيضا، وإعادة الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة، ووقف التعيينات العليا، والحد من الفساد والواسطة والمحسوبية، ووقف التبذير والسفرات والمياومات يخفف أيضا.
إن الحكومة التي دعا رئيسها مرارا وتكرارا للحوار ثم الحوار ثم الحوار عليها أن لا تغلق الباب مع أحد، وهي تعلم أن حالة الاستعصاء السياسي لو استمرت ستؤثر على الاقتصاد والسياسة والمجتمع، وستبقى الموازنة تعاني.

 

فتح الحوار لا يتأتي من خلال تقديم عروض يعرف من قدّمها في قرارة نفسه أنها لا تغني ولا تسمن من جوع، ولا يتأتي أيضا من خلال قفل المنافذ، بل فتحها والاستماع لكل وجهات النظر.
ما نزال نأمل أن نصل إلى نقاط حوار جدية تؤمّن لنا الوصول إلى تفاهمات نحن ما نزال بحاجة لها، وما نزال نعتقد أن استبعاد المرأة من تشكيلة الحكومة "غلطة شاطر"،  نرجو أن لا تتكرر.

 

وكالة عمون الاخبارية.

 

المراجع

ammonnews.net

التصانيف

صحافة  جهاد المنسي   وكالة عمون الاخبارية   العلوم الاجتماعية