خطة طريق يُهمس بها لما بعد الانتخابات

يفصلنا عن يوم الاقتراع 13 يوما فقط، وما يزال الخوف يتصاعد من تدني نسبة المشاركة إلى حدود غير مرضية. وساهمت الحالة الجوية التي تمر بها البلاد راهنا في زيادة الخوف من ذلك، ما دفع مراقبين ومتابعين إلى السؤال من جديد: ماذا لو تشابهت الحالة الجوية يوم الاقتراع مع الطقس الآن، وحال ذلك دون وصول المقترعين الى صناديق الانتخاب؟ 

 

الكل يعرف أن تأجيل يوم الاقتراع غير جائز قانونيا. وبالتالي، بتنا مطالبين بالذهاب والتصويت مهما كانت الظروف الجوية السائدة. ومهما قيل من كلام لاستنهاض الهمم  بضرورة ممارسة حق الانتخاب، فإن من واجبنا الاعتراف أن ذلك لو حصل، سيزيد من نسبة المترددين الذين لن يذهبوا للاقتراع، ما سيؤثر على النسبة العامة للناخبين.
وفي خضم الحديث عن "المال الأسود" الذي أصبح يخدش نزاهة الانتخابات المقبلة ويؤثر على شفافيتها، وخاصة في ظل استشراء الظاهرة في محافظات مختلفة والعجز الكامل عن معالجتها، ووقف تدفقها، ووضع حد لها، فإن من واجبنا أن نسأل: ماذا بعد الانتخابات المقبلة؟ وما هي خريطة الطريق التالية التي تضمن مواصلة الإصلاح وتؤسس لبناء دولة مدنية حاضنة للجميع؟
تأسيسا للجواب عن السؤال السابق، لا بد من القول إن الشكل المقبل للعلاقة بين الدولة وكل مكونات المجتمع يجب أن يكون علاقة حوارية، مبنية على حرية الخلاف والاختلاف وتبادل وجهات النظر. وهو ما أشار إليه جلالة الملك في الورقة الحوارية التي طرحها، والتي تضمنت معالم طريق المستقبل، وشملت إضاءة واضحة للرؤية التي يفكر بها رأس الدولة للمرحلة المقبلة.
في ضوء ذلك، فإن المرحلة التي تلي الانتخابات ستتضمن تشكيل حكومة جديدة ذات بعد برلماني، من خلال شكل ذي صلة بحوارات مسبقة مع المجلس المقبل مهما كان لونه وشكله، وكذا إعادة تشكيل مجلس الأعيان، وهو إجراء سيعقب الانتخابات فورا.

 

وكما هو معروف، فإن الانتخابات المقبلة قوطعت من قبل جهات مؤثرة ذات امتداد على الأرض (ربما يتنازع البعض حول قوتها وتأثيرها، ولكنهم يجمعون في نهاية المطاف على أن تلك الجهات، وعلى رأسها حزب جبهة العمل الإسلامي وأحزاب يسارية وحركة الإصلاح وبعض الحركات الشعبية، لها امتداد وإن اختلف البعض حول نسبته)، وهو ما يدفع إلى التفكير في طريقة مواصلة الحوار مع الجميع، سواء المقاطعين أو المشاركين.
ويؤمن مقربون من السلطة ورجال دولة بأن مواصلة الحوار مع الجميع موجودة في ذهن صناع القرار. وهذا يعني فتح طاقة لجذب "الكل" إلى ساحة العمل العام، وعدم ترك قوى مؤثرة في الشارع. وربما يسبق هذا الحوار يوم الاقتراع، وربما يلحقه بأيام معدودة.

 

وفي الذهن، وفق ما يتناثر من معلومات بين الحين والآخر، تمثيل قوى معارضة في مجلس الأعيان المقبل. وبالتالي، ضمان تواجدها في السلطة التشريعية، وضمان إيصال وجهات نظرها بالشكل الدستوري المناسب.
بالتوازي مع ذلك، فإن هناك من يقترح فتح كل ملفات الفساد ووضعها على الطاولة، وتكليف جهة مختصة (هيئة النزاهة التي تشكلت مؤخرا مثلا) للنظر والتدقيق فيها. وكذلك التحقق من الأسماء التي يتم تداولها باعتبارها فسدت وأفسدت. ويكتمل التصور بالقول إن لتلك الجهة وقتها الحق في منح صك البراءة لفلان، وإدانة آخر، باعتبار أن هذا الشكل يطوي ملفا طالما انشغل الشارع بالحديث عنه.
وحتى تتسع رقعة المشاركة والحوار البنّاء الهادف الذي يضمن انطلاق قطار الإصلاح بالشكل المرضي المطلوب، بعيدا عن شكل مجلس النواب المقبل، فإن تلك الرؤية التي يتحدث بها ساسة ومسؤولون سابقون، تشمل حث الجميع على المشاركة في الحكومة المقبلة، وتمثيل أطياف سياسية طالما ابتعدت عن المشاركة في الحكومات.

 

التصور المشار إليه هو أرضية مناسبة للحوار، وإطلاق الإصلاح بمشاركة الجميع بعيدا عن صخب الشارع. أما إن رفض البعض هذا وتمترس خلف رأيه، فلا ضير من مواصلة قطارالإصلاح بمشاركة شخصيات معروفة بمواقفها المسبقة من الإصلاح، ولا يمكن لأحد الطعن فيها.

المراجع

ammonnews.net

التصانيف

صحافة  جهاد المنسي   وكالة عمون الاخبارية   العلوم الاجتماعية