أهمية الحديث عن المخاطر التشغيلية تأتي بعد التطور والنمو السريع للخدمات المصرفية الاسلامية واعتمادها على التكنولوجيا خاصة بعد ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي غطت بدون مبالغة كافة مناحي الحياة في يومنا هذا، لهذا فان المصارف الإسلامية وهي تسعى إلى التوسع في نشاطاتها والوصول إلى الأسواق المصرفية الدولية وواثقة من كفاءة أدواتها المالية وجودة منتجاتها عليها أن تضع استراتيجية مصرفية لتوضيح مفهوم المخاطر التشغيلية ولتحديد ومعرفة حجم ونوع هذه المخاطر ثم وضع الخطط اللازمة لادارتها بشكل فعال.
ونظرا لأهمية هذا الموضوع فقد وضعت لجنة بازل تعريفا للمخاطر التشغيلية في المصارف عامة باعتبارها "المخاطر الناتجة عن فشل أو عدم كفاية الإجراءات المتعلقة بالعنصر البشري والأنظمة أو أحداث خارجية بما فيها المخاطر القانونية" كما استبعدت من هذا التعريف المخاطر الاستراتيجية ومخاطر السمعة.
وفيما يعني المصارف الإسلامية فانه يضاف إلى هذا التعريف عدم توافق المنتجات المالية لديها مع الشريعة الإسلامية أو الإخلال بمعايير مجلس الخدمات المالية الإسلامية فيما يتعلق بمسؤوليات الاستئمان، كون هذا يؤدي إلى الإضرار بسمعة المصرف وفقدان ثقة العملاء، ويؤدي كذلك إلى تراجع الطلب على التمويل والخدمات المالية الإسلامية. وقد أصدرت لجنة بازل نشرة في العام 1998 تضمنت وضع إطار لأنظمة الرقابة الداخلية في المؤسسات المصرفية، تلاها في العام 2001 نشرة أخرى حول المعالجة التنظيمية والقانونية للمخاطر التشغيلية، وفي العام 2003 أصدرت نشرة عممت على معظم المؤسسات المصرفية حول الممارسات السليمة للإشراف على إدارة المخاطر التشغيلية.
مع إقرارنا بأهمية دور الرقابة الداخلية في المصرف للتقليل من حدة هذا النوع من المخاطر مثل النظام المحاسبي السليم والإدارة الكفوءة وهيئات التفتيش المفاجئة، إلا أن ذلك لا يلغي الأهمية لبعض العوامل الأخرى التي من شأنها أن تسهم في وضع إطار سليم لإدارة هذه المخاطر من خلال وضع استراتيجيات واضحة ومدروسة وتحديد مستويات المسؤولية داخل مجالس الإدارة وهكذا..
ويمكن لنا ذكر بعض أشكال هذه المخاطر والمنسجمة مع تعريف لجنة بازل، وكما هي للمصارف التقليدية هي كذلك للمصارف الإسلامية وعلى النحو التالي:
- جميع أشكال الغش وإساءة الاستعمال أو التحايل على القانون وقد يكون مصدر هذا الخطر داخليا من المصرف نفسه أو خارجيا يتمثل بدخول طرف ثالث.
- الأخطاء غير المتعمدة مثل الإخلال بالالتزامات المهنية تجاه العملاء أو الوفاء ببعض التعهدات اتجاههم.
- الخلل الذي قد يطرأ على نظام العمل كتعطل أجهزة الكمبيوتر مثلا أو أجهزة الاتصال.
- الأضرار التي قد تصيب بعض الموجودات المادية في المصرف.
- عدم الالتزام بشروط السلامة العامة في مكان العمل أو مخالفة لقوانين العمل التي قد يترتب عليها مخالفات أو تعويضات يتحملها المصرف.
وطالما نحن معنيون في ما من شأنه أن يرتقي بعمل المصارف الإسلامية ويحافظ على إنجازاتها التي تحققت حتى يومنا هذا فإننا نتطلع إلى المزيد من العمل الدؤوب حتى تنال حصة اكبر من الأسواق المصرفية على الصعيد الدولي من خلال منتجاتها المالية المنسجمة مع أحكام الشريعة الإسلامية، لهذا فهي مطالبة بأن تولي الأهمية الكبرى لإدارة المخاطر التشغيلية، وفي هذا الإطار فإننا نقترح بعض الأمور التي من شأنها أن تخفف من حدة هذه المخاطر وعلى النحو التالي:
- الاهتمام بالتقييم الذاتي للمصرف وتحديد أوجه القوة والضعف في إدارة المخاطر وتحديد أنواعها حتى يسهل معالجتها.
- الاهتمام بالمؤشرات الرئيسية للمخاطر مثل البيانات والإحصاءات ومراجعتها بشكل دوري.
- اعتماد مبدأ القياس الموضوعي على تجارب سابقة يمكن الاستفادة منها لتجنب المخاطر.
- الاهتمام بالعنصر البشري العامل في المصرف من حيث التدريب والتأهيل لمواجهة أي طارئ، كذلك معرفته في القوانين والتعليمات المتعلقة بعمله أو بمكان العمل.
- استمرار الحوار مع المصارف المركزية للوصول إلى صيغة قوانين وتشريعات تتلاءم وفلسفتها الإسلامية.
- التأكيد على دور الرقابة الشرعية كضمانة لإلتزام المصرف بأحكام الشريعة الإسلامية وإزالة البس حول المعاملات التي يدور حولها بعض الخلافات.
*أستاذ التمويل والتمويل الإسلامي في جامعة العلوم الإسلامية العالمية
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة د.غسان الطالب. جريدة الغد