في إحدى الدول الخليجية تقاضى احد المتوفين راتبه لمدة ثلاث سنوات دون ان يتنبه الى ذلك المسؤولون عن ذلك الموظف، وفي حالة اخرى استمر موظف آخر في تقاضى راتبه رغم حبسه لستة أشهر، هذه الممارسات تعني ترهلا اداريا فاضحا، وبالامس وخلال مراجعة احدى الدوائر الرسمية تقدمت احدى شركات تدقيق الحسابات من موظف كبير باعتماد تقرير صادر عن الشركة المعنية باعتبار صاحبها المتوفى ما زال على قيد الحياة، عندها انتفض الموظف مطالبا الشركة باصلاح هذا الخلل، وقال لا يمكن انتخاب شخص متوفى منذ اكثر من عام، معاملة اخرى قدمت للموظف المعني تنطوي على مخالفات لقانون الشركات منها عدم الالتزام بالنشر في الصحف عن موعد انعقاد الهيئة العامة السنوي للشركة، وهناك قسم كبير من الشركات يتجاوز مجلس الادارة والادارة العليا في شركات مساهمة محدودة المسؤولية وبعض المساهمة العامة على القانون النافذ، ويعدون بتصويب الاوضاع إلا انهم لا يلتزمون ويغيبون عاما كاملا دون ذلك.
في السابق كنت اعتقد ان معظم موظفي الدولة يميلون الى التعقيد ويغلبون الروتين والبيروقراطية، الا ان ساعة من مراقبة مراجعين وجدت ان هناك ضعفا من عامة المراجعين تجاه تطبيقات القوانين والتعليمات الناظمة للحياة الاستثمارية والاقتصادية للشركات بشكل خاص، وان الحاجة تستدعي اطلاق حملات للتوعية ونشر ثقافة الاستثمار في كافة وسائل الاعلام المختلفة، وفي هذا السياق يقول احد الوظفين ان عدد المراجعين لهذا القسم تجاوز 200 الف مراجع خلال العام 2012، وان الاجابة على استفسارات المراجعين تحتاج الى وقت كبير.
ان زيادة اعداد موظفي الاستقبال وتعزيز كفاءتهم لتقديم المشورة للمراجعين، واعتماد نظام النافذة الواحدة في معظم المؤسسات والادارات الحكومية من شأنه ان يزيد انتاجية الموظفين من ناحية ويسهل على المراجعين من ناحية اخرى، عندها نوفر الوقت المهدور للمسؤولين والمراجعين ايمانا بأن الوقت يعني في عالم « البزنس» هو مال حقيقي وليس ترفا، وعندها لن نجد مراجعا يقف امام الموظف يطلب انتخاب مستثمر او مسؤول شركة انتقل الى المولى عز وجل قبل عام.
تشير الارقام ان اعداد العاملين في القطاع العام كبيرة جدا، وهذا صحيح ويؤكد ذلك ارتفاع بند الرواتب في الموازنة العامة للدولة وهو بمثابة كرة ثلج متدحرجة، وان الحل الامثل يكمن في الاستثمار في الموارد البشرية تدريبا وتأهيلا واعتماد التدريب نهجا مستمرا، وتحويل مخصصات التدريب والتأهيل من جانب النفقات الجارية الى النفقات الراسمالية، عندها يمكن ان نبني نظم عمل معتمدة تحترم حقوق المراجعين والموظفين في نفس الوقت، ونطور اداء موظفي القطاع العام، ونزيد معلات الانتاجية، ومعها نكون قد نجحنا في ترشيق القطاع العام وزيادة فاعليته وتحسين القيمة المضافة لدوره في الناتج المحلي الاجمالي بدون اجحاف، وهذا يأتي في صلب الاصلاح الشامل الذي نسعى اليه في مرحلة يمكن ان يقال عنها بأنها شديدة الصعوبة.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة خالد الزبيدي جريدة الدستور