بعد أن تجاوز الدين العام ( الداخلي والخارجي) حاجز 25 مليار دولار، وبنسبة 70% من الناتج المحلي الإجمالي، اصبح الاقتراض اكبر التحديات المالية والاقتصادية التي تواجه البلاد، وفي حال استمرار الحكومات بالمزيد من الاقتراض سنجد الأوضاع تقترب من نماذج لدول اوروبية باتت مهددة من حيث تقديم الخدمات الاساسية لمواطنيها وصيانة النمو، ويقيننا أنها ستتخلى آجلا أو عاجلا عن قسم مهم من السيادة، ومن الأمثلة على ذلك حالة اليونان، وربما الولايات المتحدة التي ستواجه وضعا صعبا خلال عقد من الزمن في ضوء تنامي عجوز الموازنة العامة التي تناهز حاليا 35% من حجم النفقات، وتجاوز الدين العام 16 تريليون دولار اي بنسبة 102% من الناتج الاجمالي لأكبر اقتصاد في العالم.

وبالعودة الى الحالة الاردنية نجد ان هناك شغفا بالاستدانة بدأت محليا وتجاوز الرصيد القائم حاجز 12 مليار دينار، يضاف اليه ما يعادل 5 مليارات دينار من العملات الاجنبية، وان خدمة تلك الديون تتجاوز حاجز المليار دولار، في ظل ظروف محلية وعالمية غير مواتية، اي ان المزيد من القروض يعني رهن القرار الاردني لسنوات، وان كل مولود اليوم عليه ان يسدد نحو (3.5) الف دولار، والرصيد يرتفع دون بارقة امل بوقف (كرة ثلج) المديونية التي تتجه نحونا بتسارع كبير، وهذا ما يقلق لا سيما ان محدودية حجم الاقتصاد وتدني قدرته على تحقيق معدلات نمو قادرة على حماية قدرات المواطنين على تلبية احتياجاتهم.

نحن امام معضلة حقيقية اسمها المديونية، والاساس ان يتم وضع اولويات اكثر نضجا للمشاريع الرأسمالية، وتلك المشاريع المولدة لفرص العمل، وتستخدم مواد اولية ومدخلات اردنية المنشأ، ولا ضير من جدولة المشاريع الريادية والمكثفة للاموال على سنوات، بحيث يتم تجنب الاقتراض الداخلي والخارجي من ناحية، والتركيز على المشاريع التي تحسن مناخ الاستثمار الذي تراجع خلال السنوات القليلة الماضية.

بعد ان استنفذت الحكومات المتعاقبة الاقتراض المحلي بالدينار، تحولت الى الاقتراض المحلي بالعملات الاجنبية، وتوجهت الى صندوق النقد والبنك الدوليين، ومؤسسات التمويل العالمية الاخرى في اوروبا الى اليابان وكوريا الجنوبية، وينتظر المراقبون ان تقترض الحكومة سقف يصل الى ملياري دولار ( يوروبوندز)، السؤال الذي يطرح لماذا كل هذا الاقتراض والاستدانة ولا نجد رزما طويلة عريضة من المشاريع التي تعود بالمنفعة على المواطنين والاستثمارات.

كل ذلك يتم في ظل منح ومساعدات صندوق التنمية الخليجي الموجه للبرنامج الرأسمالي لخمس سنوات ( 2012/2015) بمبالغ تصل الى خمسة مليارات دولار، نحن امام نظرة احادية الجانب للمالية العامة والاقتصاد الكلي، اذ ما زالت الحكومة تتوعد برفع اسعار الطاقة الكهربائية دون اجراء دراسات حقيقية لهكذا قرار، المرحلة تستدعي التوقف عن الاقتراض واعادة جدولة المشاريع ضمن القدرات المالية والمساعدات وهذا أضعف الإيمان.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  خالد الزبيدي   جريدة الدستور