اي مجتمع او نظام سياسي اجتماعي قادر على تطبيق المفاهيم الثلاثة اعلاه ( الشفافية والمساءلة والحكم الرشيد ) يستطيع ضمان تحقيق العدالة والتقدم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، ويفلت من استحقاقات تبرز بين حقبة واخرى، وهذه المفاهيم وان كانت قد سوقها الغرب بمؤسساته باعتبارها من صنعه وانجازاته، علما بأن الشفافية بمعانيها المختلفة والمساءلة وسلامة الحكم المتمثلة بالفصل بين السلطات وردت في مقدمة ابن خلدون قبل قرون.
الشفافية تعتمد في تطبيقاتها على الافصاح بعدالة وفي الوقت المناسب، والابتعاد عن التسويف واخفاء الارقام والحقائق بخاصة تلك التي تتعلق بقضايا تتصل بمعيشة الناس، وفي هذا المجال فان مسؤولين يتقنون فن خلط الاوراق وتبديل الارقام بهدف اضاعة الحقائق وبث الاحباط في نفوس العامة، لذلك نطالب منذ سنوات ان تعلن مؤسسات رسمية بعدالة عن تفاصيل فاتورة النفط والطاقة، الا ان هؤلاء المسؤولين يحتكرون العلم والمعرفة والقرار، ويجرمون من يحاول الاقتراب من اسوار الحقيقة والمعلومات الحقة.اما المساءلة وهي محاسبة من يتخذ قرارا يخلف اثارا قاسية او يفوت فرص على العامة، وبشكل ادق ان من يحاسب يفترض ألا يكون فوق المحاسبة، وهنا ان من يُحاسب ( بكسر السين) يجب ان يُحاسب ( بفتح السين) لضمان توخي الدقة وعدم تغول البعض على الخاصة او / والعامة، لاسيما ونحن نعيش مرحلة غير سوية عناوينها التجاوز على الغير دون رادع، وهذا يشير الى مخاطر جمة يبدو انها اصبحت وشيكة وان بسط سلطان القانون على الجميع هو الحل الوحيد، والا الويل لنا جميعا. وفيما يتصل بالحكم الرشيد هو نتيجة لنظام ديمقراطي في كافة مناحي الحياة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وتعليميا وثقافيا، فالديمقراطية هي الحرص على حق الاخر كما تدافع عن حقك، الحق في التعبير السياسي وممارسته، وممارسة الانتخاب بدون التأثير والتزوير، الانضمام الى الجهة السياسية التي تعتقد انها تلبي طموحك، اقتصاديا لا بد من تحقيق تكافوء الفرص بين جميع المواطنين، علما بان الدستور الاردني تحدث عن ذلك الا ان التطبيق في واد والنصوص ومواد الدستور في واد اخر، والتعليم هو الاخر له الف قصة وقصة، فالتعليم ابعد ما يكون عن ديمقراطية التعليم، وهناك شكل من اشكال الاحتكار والانحياز لاطراف على غيرهم من المواطنين...الخ
الحكم الرشيد هذه المقولة التي اطلقها البنك الدولي وصندوق النقد في منتصف تسعينيات القرن الماضي ارادا منها تقويم اعوجاج انماط تنموية في دول العالم الثالث التي غرقت في الديون دون توظيفها لمصلحة شعوب تلك الدول، حيث اكتشفت المؤسسات الدولية بعد ان سكتت ردحا من الزمن على ممارسات فاضحة حيث تم ايداع اكثر من 75% من مجموع القروض التي منحت لدول نامية في بنوك سويسرية وغربية باسماء مسؤولين ومتنفذين في تلك الدول...الا ان بلوغ الحكم الرشيد ما زال بعيد المنال.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة خالد الزبيدي جريدة الدستور