أثبتت تجاربنا الكروية السابقة، أن فرق أنديتنا ومنتخباتنا الوطنية لكرة القدم، لم تنجح في غالبية المباريات الحاسمة التي استضفناها على أرضنا وبين جمهورنا، ولم يكلف أي من الباحثين نفسه عناء دراسة هذه الظاهرة التي تعود في أصلها إلى عوامل سلوكية في المجتمع الكروي، تنعكس سلبا على الوضع النفسي للاعبين. 

الأمثلة كثيرة على هذه الحالة، لعل أبرزها خسارة منتخبنا الوطني فرصة ذهبية في التأهل إلى الدور الثاني من تصفيات كأس العالم 2006، عندما استضفنا المنتخب الإيراني في عمان، وكنا بحاجة للفوز لضمان التأهل، لكننا خسرنا بهدفين في مباراة وقعت نتيجتها كوقع الصاعقة على رؤوس المشجعين المتحمسين، لنخرج من التصفيات رغم الآمال الكبيرة التي عقدت على المنتخب بعد تألقه في النهائيات الآسيوية في الصين وبلوغه دور الثمانية بكل اقتدار، وهناك أمثلة أخرى لا يمكن حصرها في هذه المقالة، مثل خسارة الفيصلي لأول لقب لدوري أبطال العرب على يد وفاق سطيف الجزائري في العام 2007 وهو بحاجة لتعادل سلبي، وآخرها خروج الوحدات على يد ناساف الأوزبكي بعد التعادل الإيجابي على أرضه وبين جماهيره رغم حاجته للفوز. 

أمامنا مباراة مهمة في الحادي عشر من الشهر الحالي مع منتخب سنغافورة، وهي لا تقل أهمية عما سبق من أمثلة، فالفوز سيضمن لمنتخبنا الوطني التأهل دون النظر إلى ما تبقى له من مباريات مع العراق والصين، ورغم أن المباراة ليست حاسمة باعتبار تبقي فرصتين للتأهل، إلا أنها في نفس الوقت تاريخية، كون الفوز سيضع منتخبنا في الدور الحاسم للمرة الأولى في تاريخ مشاركته في تصفيات كأس العالم، وسيكون النشامى محط أنظار القارة الآسيوية وهم يصنفون ضمن أقوى عشرة منتخبات تقارع للحصول على أربعة مقاعد ومعها نصف مقعد للوصول إلى البرازيل. 

في المرات السابقة، كان السبب المباشر في الإخفاق على أرضنا وبين جماهيرنا، ذلك التجييش الإعلامي الكبير، قبل ايام من موعد المباراة، واعتبار المواجهة بمثابة معركة عسكرية لا بد من حسمها بسحق الفريق الضيف، وإنهاء مقاومته مبكرا وإغراق مرماه بالأهداف، وتحول الجميع إلى خبراء عسكريين في أصول المواجهة ووضع عناصر القوة والضعف، وحسابات التقدم والتراجع، والدعم اللوجستي والقوات الاحتياطية، وترافق هذه التحليلات في العادة أغان وطنية تأخذ الطابع العسكري في معظمها، مما يضع الجميع بمن فيهم اللاعبون والجهاز الفني والإداري إضافة للجمهور في أجواء معركة حاسمة لا بد من الظفر بها. 

أتمنى على جميع وسائل إعلامنا أن تتقي الله في اللاعبين، وأن تخفف الضغط عليهم، وتتعامل مع المباراة كغيرها ضمن دائرة المنافسة الرياضية الشريفة، وأن تبتعد عن أساليب الإثارة، حتى ينجز النشامى المهمة بعيدا عن الضغوطات، ويحافظوا على شرارة المنافسة مشتعلة حتى النهاية، وأن يقتدوا بخطوة سمو الأمير علي بن الحسين في جلسته الودية مع الجهاز الفني واللاعبين، وإبعادهم عن أجواء الضغط السلبي، من خلال فتح آفاق الحديث عن الكرة الأردنية ومستقبلها، دون الخوض في تفاصيل لقاء سنغافورة، وبالتوفيق للنشامى.


المراجع

alghad.com

التصانيف

صحافة  د.محمد مطاوع   جريدة الغد   كرة القدم   رياضة