هم يلعبون.. يفوزون أو يخسرون، ونحن فرحون أو حزينون، تتناقل أقدامهم الكرة بكل أنواع الفنون.. وتتراقص حدقات عيوننا متابعة متحفزة على شاشات التلفزيون، هم مدريديون وبرشلونيون..ونحن....ماذا نكون؟
لماذا وصلنا إلى كل هذا الجنون؟ وكيف تسللت إلينا تلك العصبية الجديدة، التي لا تنتمي إلى مبدأ أو فكرة أو معتقد، هي لدى معظم من يتمسك بها لا تتجاوز قشور أو تقليد أو ركوب موجة العصر، في ظل حالة الفراغ التي يعيشها الشباب، أو كرد فعل لثورات محيطة، نسجها الشباب أنفسهم رغبة في التغيير.
المشاهد التي سبقت وتخللت وأعقبت الكلاسيكو الثاني خلال هذا العام لم تكن تسر، فأعلام الفريقين طغت ألوانها على الشوارع والمقاهي والمطاعم وحتى البيوت والسيارات، وكأننا نعيش عيدا وطنيا في إسبانيا، والصراع احتدم بين هذا الجمهور وذاك، حتى تجاوز الكثير من الحدود.
ليست هذه الرياضة، وليس هؤلاء عشاقها، ولا يمكن أن تكون تلك نقاشاتها، فحالة الاحتقان طغت على الجمهور “المودرن” والحرب وصلت إلى ساحات الفيسبوك والتويتر وغيرهما من المواقع الالكترونية، وكل ذلك مجرد “تقليعة” جديدة دخل على خطها المراهقون والمراهقات، وتحول الأمر إلى استعراض آخر همه الرياضة وفنونها وجماليات أدائها.
لسنا ضد المتعة والمتابعة والتشجيع، والوصول إلى درجة العشق للرياضة وجمالياتها، ولكننا لا يمكن أن نستوعب ما يجري الآن من خروج عن خط المنطق والنزوع إلى التعصب الأعمى وتهديد حالة مريبة، قد يمكن تحولها إلى احتقان نحن في غنى عنه، وهي مظاهر بدأنا نشاهدها في شارعنا الرياضي، ونخشى من تطورها نحو الأسوأ.
ما يدور حولنا مشهد جديد على الساحة، فالعائلة انقسم أفرادها بين قطبي إسبانيا حتى الأطفال منهم الذين لا يعلمون أين يقع الناديان، وأجواء العمل التي يصل تلبدها إلى درجة غياب بعض المتعصبين للفريق الخاسر عن دوام اليوم التالي تلافيا للاستماع للتعليقات اللاذعة من الطرف المتعصب للفريق الفائز، والصداقات التي تحولت إلى عداوات بسبب الموقف من الفوز أو الخسارة.
الأمور تجاوزت حدودها، والجميع مطالب بالنزوع إلى العقل، في معركة لا يد لنا فيها، وحالنا وصل إلى تفسير اللفظ البدوي “مدري شلوني” كاختصار لمدريدي برشلوني، كناية عن عدم المعرفة بالذات، وهو ما ينطبق تماما على التعصب الأعمى لفريق تبعدنا عنه آلاف الأميال، ولا يصيبنا خيره أو يضيرنا شره.
لنشجع الفريق الذي نحب، ونستمتع بأدائه وروعته، ونطرب لعزف لاعبيه أعذب الألحان الكروية، ونقف عند هذا الحد من دون مبالغة في الحزن أو الفرح وكأننا فقدنا كل شيء أو حققنا كل أمانينا، وفي ذلك كل التطرف والسلبية المؤذية.
المراجع
alghad.com
التصانيف
صحافة د.محمد مطاوع جريدة الغد رياضة كرة قدم