مجلس الأمن .. وداعاً للمنطقة الرمادية!
ترشح الأردن لشغر مقعد غير دائم في مجلس الأمن، يمكن أن يقال عنه الكثير من الإيجابيات. ومن المؤكد أن الخطوة ستترك للكثير من السياسيين المؤدلجين فرصة للحديث عن فوائد الخطوة وإيجابياتها، وانعكاسها على المملكة دوليا.
لا شك في أن وجود الأردن عضوا في مجلس الأمن لمدة عامين له دلالات، ويرتب علينا وعلى سياستنا الخارجية مسؤوليات جساما، وتتطلب رؤية ثاقبة لكل الأمور السياسية في العالم.
تقدم المملكة بالحصول على مقعد في مجلس الأمن لا يستدعي حالة احتفالية، وتثمينا للخطوة، وترحيبا بها، والدخول في حالة احتفال صوري، من دون النظر إلى ما يتطلبه المقعد من مسؤوليات علينا وعلى سياستنا الخارجية.
أبرز ما يتطلبه وجودنا في مجلس الأمن، والمتوقع في بداية العام المقبل، هو خروج سياستنا الخارجية من المنطقة التي اعتادت أن تلعب بها وتناور في السنوات الماضية وهي المنطقة الرمادية، إلى منطقة الموقف.
في مجلس الأمن، توجد ملفات كبيرة وشائكة، علينا أن نغوص فيها ونتعامل معها برؤية واضحة. ففي نيويورك القضايا متعددة ومختلفة، وفي العالم مشاكل أساسية علينا أن نتعامل معها برؤية واضحة، وأن يكون لنا موقف يُظهر شخصية دولتنا، فلا نكون مردِّدين لمواقف دول أخرى يهمها في المقام الأول أن تبقي على وجودها في العالم.
أما في الشرق الأوسط، فإن قضايانا التي تحيط بالمنطقة كبيرة وشائكة ومتعددة ومختلفة، يتطلب الغوص فيها الدخول في حقول ألغام لا تنتهي، وإعلان مواقف واضحة لا تحتمل التأويل في مواضيع مختلفة.
المرحلة المقبلة تعني نسيان مرحلة اللاموقف في قضايا مختلفة، والذهاب بوجه جديد ورؤية واضحة ومحددة.
عامان من عضوية مجلس الأمن ستظهر خلالهما قضايا شائكة، والصراع الفلسطيني-الصهيوني في مرحلة تصعيد، وخاصة في ظل ضرب إسرائيل عرض الحائط بكل قرارات الشرعية الدولية، ومواصلتها لسياسة الاستيطان وقضم الأراضي المحتلة.
تُرى، كيف سيكون الموقف في قضايا عربية-عربية شائكة، وما أكثرها حاليا؛ وأخرى إسلامية؟ القصة وأنت عضو في مجلس الأمن تعني أن عليك اتخاذ موقف وقرار، والميل باتجاه هذا الموقف أو ذاك.
نعم، وجودنا في مجلس الأمن له إيجابيات كثيرة، ومحاسن على مستوى العالم والمنطقة. ويمكن استثمار وجودنا في مجلس الأمن على أكثر من صعيد، وإظهار الوجه الحضاري للأردن في العالم. كما يمكن من خلال الموقع أن نُظهر للعالم وسطيتنا وحياديتنا، واستقلاليتنا عن سياسة أي دولة أخرى في العالم؛ سواء عالمية أو عربية أو إقليمية.
نعم، لعضوية مجلس الأمن محاسن، ولكن لها محاذير مختلفة، يتوجب أن نصحو قبل أن نقع فيها.
في قضايا عربية، علينا أن نكون أكثر وضوحا ووسطية وحيادية، وأن لا نتبنى رواية دون أخرى، وأن يكون موقفنا قائما على دقة أكثر في تناول قضايا المنطقة، وخاصة القضايا العربية- العربية. فالوضع في بداية العام 2014، إن كتب لنا النجاح وتبوؤ الموقع في مجلس الأمن، سيكون مختلفا. ورؤيتنا يتوجب أن تكون مبنية وقائمة على مصالحنا العليا، مع الأخذ بالاعتبار مصالح منطقتنا العربية والإسلامية، من دون أن يكون لنا ميول لدولة ضد أخرى.
سيقول كُثر إن سياستنا الخارجية اتسمت خلال السنوات الماضية بالإيجابية والوسطية، وهذا صحيح، لأن تلك السياسة كانت تقبع في المنطقة الرمادية. بيد أن مواصلة ذلك في مجلس الأمن لا يُعطي أُكُله، وعلينا من منبر مجلس الأمن تعرية سياسة إسرائيل، وتوجيه أنظار العالم نحو ما تصنع من جرائم يومية، وإخراج منطقتنا من عنق الزجاجة من دون أن يكون لنا موقف مؤيد للاعتداء على هذه الدولة وغض النظر عن أخرى.
ترى، هل نستطيع أن نفعل ذلك؟ الجواب برسم المستقبل.
المراجع
ammonnews.net
التصانيف
صحافة جهاد المنسي العلوم الاجتماعية وكالة عمون الاخبارية