بين الحين والآخر يطلق مسؤولون تصريحات معادة كأنها كربونة قديمة، ويؤكدون أن حياة الأردنيين تختصر بفاتورة الطاقة الكهربائية، وان انقطاع الغاز المصري سيدفعنا وراء الشمس، وان خسارة شركة الكهرباء الوطنية ستغرق البلاد في مديونية داخلية وخارجية تجاوزت 25 مليار دولار، عندها يشعر المتابع والمختص والمواطن أن هناك وراء الأكمة ما وراءها، وان هذا التهويل يؤخر ولا يقدم، ويعمق فجوة الثقة بين الحكومات والمواطن الاردني الذي يتقبل بصعوبة ومعاناة قرارات رفع الاسعار، إذ يقتطعها من لقمة عيشه واسرته.
احتياجات المملكة من الطاقة الكهربائية في ساعات الذروة شاملة الاحتياطي في الشبكة الوطنية البالغ (15 الى 20 ) في المائة نحو 3200 ميغا وات، وان تكلفة توليد هذه الطاقة يبلغ نحو 1095 مليون دينار بالاعتماد على زيت الوقود والديزل، ودون استخدام الغاز المصري المنشود والمُذنب، وان عائد بيع شركات توزيع الكهرباء الثلاث العاملة في المملكة ومن واقع ميزانياتها يقدر بـ 1985 مليون دينار، أي أن إيرادات الطاقة الكهربائية تفوق تكلفة توليد الكهرباء شاملة النفقات المالية والادارية لشركات التوليد والتوزيع وشركة الكهرباء الوطنية والعاملين في القطاع.
احيانا يخال للمرء ان الشعب الاردني بمؤسساته لا يدفع أثمان فواتير الطاقة الكهربائية، وان الحكومة تدفع ما يستهلكه المشترك المواطن والمستثمر، علما بأن اكثر من 50% من المشتركين المستخدمين للطاقة الكهربائية من شركات ( الاتصالات، البنوك، التعدين، والاشتركات التي تستهلك اكثر من الف كيلو واط / ساعة) يدفعون اثمان الطاقة الكهربائية اكثر من تكلفة انتاجها بمعدل 90 فلسا / كيلو واط/ ساعة، أي أن هناك اكثر من نصف المشتركين يدعمون فواتير الفقراء.
نجح الأردنيون في منازلهم ومكاتبهم بترشيد استخدامات الطاقة الكهربائية من خلال التحول الى الأجهزة الكهربائية ولمبات الإنارة الموفرة للطاقة، ومع ذلك ما زال الخطاب الرسمي فيما يتعلق بالطاقة نفسه، رفعت الحكومة اثمان الكهرباء، والمحروقات وزادت الضرائب، وسلكت الطرق الممكنة وغالت في مواقع كثيرة، ومع ذلك لم نجد من يشكر المواطن على تحمله وتقبله لقرارات صعبة اثرت سلبيا على مستويات المعيشة ونوعية حياته، وكان الجواب المزيد من تحذير المسؤولين من أعباء الطاقة الكهربائية على الاقتصاد والمواطنين والاقتصاد وتنافسيته محليا وفي اسواق التصدير.
في السنوات والعقود الماضية عاش الأردنيون وفق مستويات معيشية افضل، يستخدمون الطاقة الكهربائية، كل ذلك بدون الغاز المصري، وبعيدا عن الربط الكهربائي الخماسي وغير الخماسي الذي يفترض ان يوفر علينا ما بين 15 الى 20 بالمائة هو الاحتياطي في الشبكة، يبدو أننا لن يهدأ لنا بال إلا بعد أن يتحول المواطن الى استخدام السراج والفتيله....وربما هذا الأفضل.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة خالد الزبيدي جريدة الدستور