حتى نهايات القرن الماضي كان هناك انطباع لدى العلماء أن الأنسجة المتخصصة مثل الاعصاب، العضلات والعظام لا تستطيع تجديدها او تطويلها.
التطورات الجديدة في تطويل الأطراف تسمح الآن بتطويل أحد الأطراف القصيرة 5 إلى 30 سم في مرحلة واحدة اوعدة مراحل وتسمح أيضاً بتطويل الأطراف برفع الطول عند الاقزام .
إن استتعمال الأجهزة المتطورة الداخلية والخارجية جعلت علم تطويل العظام أكثر وضوحاً من أثناء تجديد الأنسجة التي ساعدت على تطويل الأطراف من خلال إجراء العمليات الجراحية بطريقة آمنة وموثوق بها.

تطويل العظام عبر التاريخ 

إطالة أحد الأطراف القصيرة سحرت الجراحين منذ العصور القديمة، واجريت الكثير من التجارب في القرن الثامن عشر الا انها فشلت.
وكانت اول تجربة ناجحة حول إطالة الأطراف بالجراحة نشرت من قبل العالم كوديفيلا في عام 1905، وكانت بطريقة الشد بعد عمل شق في العظم.
وتبعه اومبريدين عام 1913 باستعمال جهاز المثبت الخارجي وتبعه بيوتي بجهازه الخاص، ثم ابوت Abbottالذي أبرز اهمية سمحاق العظم.
وكان اول من ابتدع جهاز الحلقات مع الاسلاك المرنة هو جوسف بتنر عام 1929، وتبعه مندوزا  عام 1946.
ومنذ ذلك الحين والجراحين يحاولون إطالة الأطراف بإستعمال الكثير من الأجهزة البارعة.
ومع ذلك كانت كل هذه الطرق التجريبية تركز أساساً على التطويل الميكانيكي، وتتجاهل ما يحصل في نسيج العظام.
واعتبرت طريقة واغنر في الستينات والسبعينات من القرن الماضي الطريقة الذهبية للتطويل في الغرب على الرغم من أنها حقيقة ليست المثالية لأنه يتطلب للتطويل على الأقل اجراء 3 عمليات جراحية لتحقيق طول 3 سم.
ونظراً للمضاعفات الكثيرة لهذه الطريقة احجم الكثير من الاطباء عن اجراءها، وتم الاستغناء عنها وأعطي معظم المرضى حذاء بزيادة في الكعب لتعويض القصر.
ونصح الاطباء في كثير من الأحيان الحالات التي تتميز بالقصر الواضح والتي لا تستطيع علاجها بزيادة في الكعب بإجراء جراحة لتقصير الطرف الآخر.
ولجاْ البعض لعلاج القصر عند الاطفال من خلال ايقاف مركز النمو قبل أن يصل الهيكل العظمي إلى مرحلة النضج لكبح نمو الطرف الطويل بدلاً من إطالة الطرف القصير.
وبقيت هذه الطرق التقليدية في الغرب لغاية عام 1980، حتى افاق الغرب على أساليب غير معروفة لديهم يقوم بها الطبيب الروسياليزاروف منذ عام الاربعينيات من القرن الماضي، والتي حققت نجاحات هائلة ورسخت مبادئ بيولوجية حديثة جعلت تجديد العظام امر سهل وإجراء العمليات الجراحية تتم بصورة روتينية في كافة انحاء العالم.

من هو اليزاروف؟ الأب الروحي لتطويل العظام 

هوغافريل ابراموفيتش إليزاروف كان طبيب عام بالتدريب، كان يعمل في مدينة كورغان في بداية عام 1940 عندما بدأ بعلاج الأعداد الكبيرة من جرحى المحاربين في الحرب العالمية الثانية الذين يعانون من الإصابات الحادة في الأطراف.
وقد اختلفت الروايات في طريقة ابتكار اليزاروف لجهازه فمنهم من يقول ان الجهاز وجده اليزاروف على مريض جريح من الجنود الالمان واخذ فكرته، والرواية الأخرى هي ان اليزاروف صمم جهازه من الأسلاك الرقيقة والأقواس المختلفة كونه كان يعيش في بلدة صناعية.
وبالصدفة استعمل إليزاروف الجهاز على ساق مريض يعاني من كسر غير ملتئم وشرح للمريض ان يقوم باغلاق الجهاز على الكسر بالتدريج ولكن المريض قام بطريقة عكسية بفتح الجهاز وبعد شهر عاد المريض وعندما نظر اليزاروف ذهل لكون ان العظم اصبح طويلاً مع وجود انسجة عظمية واضحة بين طرفي العظم ،وهذا مهد له الطريق لإكتشاف مبادئ تطويل الأطراف والتي ادت الى مساعدة مئات الالوف من المرضى في جميع أنحاء العالم.
و سجل اليزاروف جهازه عام 1951 بعد ان ثبت فعاليته في علاج الحالات المعقدة
وحصل على درجة الدكتوراه من احدى ولايات الاتحاد السوفييتي كونه وضع  مبادئ تطويل العظام.
بحلول عام 1970 أصبح الدكتور إليزاروف بطلاً قومياً بعد ان ثبت انه قام باكتشاف مبادىء تطويل العظام وساهم في علاج الحالات المعقدة ، وقامت الحكومة الروسية ببناء له أكبر مستشفى للعظام في العالم  يحتوي على 18 قسم، و 300 طبيب وجراح وباحث بسعة 1000 سرير.
عالج العديد من المشاهير في ايطاليا مما ساهم في انتشار اسلوب التطويل في إيطاليا في عام 1980 ومن ثم الى بقية انحاء العالم.

أسباب قصر الأطراف: 

تقدر نسبة حصول القصر في أحد الأطراف عند عامة الناس الى 10٪، بحيث يصل القصر  إلى 1 -1.5 سم.
  1. التشوهات والامراض الخلقية (العيوب الخلقية) مع قصور الأطراف العلوية والسفلية.
  2. حوادث السير، هذه شائعة جداً وما تحدثه من تهشم في العظام وقصر وعدم التحام لعدد كبير من المصابين.
  3. الالتهابات، التي تتبع الكسور المفتوحة  تسبب إلى تحلل في العظام، وموت العظام أو كتلة من العظم وحصول القصر مع وجود فجوة في الكسر، وكثيرا ما يصاحب ذلك تصلب المفصل أوالتشوهات.
  4. تعطل مركز النموعند الاطفال، بسبب إصابة في صفيحة النمو الموجود في نهاية العظام الطويلة، بسبب كسر او التهاب.
  5. أمراض الأعصاب مثل الشلل الدماغي قد تسبب إلى قصر عظمي حقيقي.

آثار عدم المساواة في الاطراف: 

قصرالطرف العلوي قد لا يخلق مشاكل كبيرة، والفرق يكون ليس ملحوظا اذا كان لا يتجاوز 15٪.
القصر في الطرف السفلي  يزيد القوة المفرطة على المفاصل مع حمل الوزن ومن الممكن أن يؤدي الى
  1. عدم انتظام في المشي.
  2. ميلان في الحوض.
  3. انحراف في العمود الفقري.
  4. الآم في الظهر في وقت مبكر.
  5. احتكاك في مفصل الورك والركبة.
  6. الآثار النفسية المترتبة على القصر.

طرق تقييم القصر: 

1- التقييم السريري:
اساليب بدائية قديمة وغير دقيقة وخصوصاً عندما يكون الفرق في الطول بسيط.
القيام بإجراء فحص سريري شامل للمفاصل لملاحظة التقلصات والتشوهات مع ملاحظة عدم الاستقرار في المفاصل.
2- قياس الطول باستعمال التصوير الطبقي:
هي وسيلة دقيقة للغاية عند أخذ القياسات بدقة.

مراحل تطويل العظام: 

إطالة الأطراف تتم على ثلاث مراحل:
عمل شق في العظم من خلال الجلد: شبيه بالكسر والانتظار من 5 إلى 10 أيام بعد الجراحة، وهذا يسمح بالبدء لآليات التئام الشق.
مرحلة التطويل: يتم التطويل 1 ملم يومياً حتى يتم تحقيق الطول المطلوب.
تصلب العظم الذي تم تطويله، قد تأخذ هذه المرحلة ضعف مرحلة التطويل.

بيولوجيا إطالة الأطراف: 

اعتماداً على قانون الإجهاد والتوتر الذي وصفه إليزاروف كقانون بيولوجي عام للتطويل.
فإنه ينص أنه عندما تتعرض الأنسجة الحية والأوعية الدموية للتطويل بعد القيام باجراء شق في العظم فان ذلك يحدث تكون عظم وانسجة جديدة.
هذه النظرية جاءت بعد ان أجرى إليزاروف سلسلة من التجارب على الحيوانات التي أثبتت بوضوح آلية جديدة لتشكل العظام والأنسجة والعوامل اللازمة لتشكيلها ونضجها بشكل سليم.

المقومات اللازمة لنجاح عملية التطويل: 

  1. استعمال جهاز خارجي مثبت في العظم بواسطة اسلاك او براغي.
  2. عمل شق العظم دون ايذاء الانسجة المحيطة.
  3. مقدار التطويل الذي عليك القيام به ان لايتعدى 1ملم في اليوم، من الناحية العملية ينبغي أن تكون حوالي ¼ ملم في كل مرة ولا تتجاوز 1ملم في اليوم، إذا كان تكوين العظام ضعيف ينبغي خفض المعدل ل¼ ملم مرتين في اليوم، وإذا كان تكوين العظام كبير ينبغي رفع المعدل ل ½ملم ثلاث مرات في اليوم لبضعة أيام.
  4. الاحتفاظ  بحركة المفصل ووظيفة الاطراف:
السماح للمريض بالمشي والحفاظ على وظائفه يحفظ ويعزز الدورة الدموية في الأطراف.
هذا أمر بالغ الضرورة لتكوين العظام الجديدة.
مدة المشي والتمارين عليه أن يكون من 5 إلى 6 ساعات في اليوم.

ماهي العوامل التي تعيق التطويل 

  1. التدخين يعيق تدفق الدم وتكوين العظام الجديدة
  2. قلة الحركة
  3. اضطراب في الهرمونات
  4. مرض في بنية العظم

الطرق المتبعة لتصحيح قصر الاطراف السفلية: 

  1. زيادة في طول كعب الحذاء.
  2. ايقاف النمو في الطرف السليم ويتم القيام بإجرائه عند الأطفال قبل اكتمال مرحلة النمو بشرط أن يكونوا طويلي القامة.
  3. تقصير الرجل الطويلة وهذا يلجأ له في حالة وجود طول مناسب.
  4. عمليات تطويل العظام.

الطرق الجراحية للتطويل 

استعمال جهاز إليزاروف:
وهو مكون من عدة حلقات دائرية لتثبيتها قي العظم عن طريق أسلاك معدنية أو مسامير مسننه خاصة.
ما هي المشاكل في القيام بإجراء التطويل عن طريق جهاز اليزاروف؟
  1. المريض بحاجه إلى القيام بإجراء زيارات متكررة للعيادة للعناية بالأسياخ والمسامير.
  2. صعوبة ارتداء الملابس بوجود الجهاز.التهاب الأسلاك المعدنية.
  3. تيبس المفاصل حول الجهاز. ومن الممكن إجراء عمليات الطويل باستخدام جهاز اليزاروف بالطريقة اليدوية أو عن طريق جهاز اتوماتيكي يعمل بنظام الكمبيوتر وهذا مكلف جداً.
الطريقة الإيطالية:
  • استعمال جهاز مثبت العظم  Orthofix حيث يتم تثبيت هذا الجهاز على السطح الخارجي للعظم باستعمال مسامير مسننة وميزته:
  • سهولة التعامل معه من قبل المريض والطبيب.
  • تلافي المشاكل الناجمة عن ااستعمال جهاز اليزاروف.
استعمال المسمار النخاعي الديناميكي:
وهذا الاسلوب يتم فيها غرس مسمار خاص داخل نخاع العظم وتثبيته من الأطراف وهذا في العادة يستعمل إذا كان القصر أقل من8 سم بحيث يتوقف التطويل لوحده ويعتمد هذا الجهاز على دوران للرجل للخارج والداخل بزاوية  30 درجة.
عيوب المسمار النخاعي:
  1. من الصعب السيطرة على سرعة التطويل كونها تحتاج إلى درجة قليلة من الدوران.
  2. المريض لا يتمكن من أن يمشي ويقضي كل فترة التطويل على الكرسي النقال.
  3. الكلفة المالية العالية.
  4. يستعمل على نطاق محدود على مستوى العالم.
 
ما هي الحالات التي لا يمكن استعمال فيها هذه الطريقة؟
  1. الأطفال.
  2. إذا كان القصر أكثر من8سم.
  3. انحراف في العظمة المراد تطويلها.
  4. عدم إستطاعة المريض على التعامل مع الجهاز كما هو مطلوب.
 
وهناك نوع من المسمار النخاعي يسمى مسمار البيزا وبعد دوران الساق يطلق صوت يشير إلى سرعة التطويل، وميزة هذا المسمار أنه من الممكن للمريض أن يمشي باستعمال العكازات، وعيوبه الكلفة المادية العالية جداً ويستعمل على نطاق محدود على مستوى العالم
4- استعمال المسمار النخاعي داخل العظم مع مثبت العظم من الخارج :  
حيث يتم أولاً غرس المسمار النخاعي ثم عمل شق في العظم ثم وضع مثبت العظم الخارجي  Orthofix  (جهاز التطويل)، وميزة هذه الطريقة أنه من الممكن إزالة جهاز التطويل في مرحلة مبكرة بحيث أن المريض الذي يتم تطويله لطول 5 سم يتم إزالة الجهاز بعد شهرين.
5- استعمال المسمار النخاعي الذكي:  
بحيث يتم السيطرة بعملية التطويل عن طريق جهاز كمبيوتر صغير إلا أن هذه الطريقة مكلفة جداً ولا ينصح باستعمالها كونها لا تستعمل في كافة حالات قصر العظام.

مميزات المسمار الذكي:

  1. الآم خفيفة.
  2. ندبات خفيفة.
  3. لا يوجد داعي للعناية بالبراغي.
  4. المريض يتمكن من ممارسة تحريك المفاصل بعد العملية الجراحية.
 
عيوب المسمار الذكي:
  1. المريض لا يتمكن من أن يمشي ويقضي فترة التطويل على الكرسي النقال.
  2. تتم عملية التطويل باستعمال جهاز خارجي دقيق تسمى وحدة السيطرة عن طريق رأس للتنبية لوصلة المستقبل الذي يكون تحت الجلد، والمريض يقوم بوضع سماعة في منطقة التنبيه حتى يسمع صوت طقة التطويل.
  3. الكلفة المادية العالية جداً.
 
6- استعمال جهاز تايلور الحلقي:
وهو جهاز يشبه جهاز اليزاروف إلا أنه يعمل بواسطة الكمبيوتر وأساليب التطويل مكلفة جداً عند استخدامه.    
هذا الجهاز يتكون من حلقتين متصلتين ب6 قضبان متحركة وميزة هذا الجهاز أنه يتمكن من ان يعدل الانحرافات في عدة اتجاهات وهو بجاحة الى نظام كمبيوتر خاص لادخال البيانات اللازمة عن درجة واتجاه التشوهات.

مضاعفات تطويل العظام:

عملية تطويل العظام هي طريقة شاقة بها العديد من المضاعفات لكن أغلبها يمكن تجنبه والسيطرة عليه من خلال المراقبة الحثيثة والمتابعة المستمرة للمريض بعد إجراء العملية ومن هذه المضاعفات :
1- ألم ومضايقة مكان العملية عادة يكون لعدة أيام، ويقل مع مرور الوقت وفي العادة يتم إعطاء المريض المسكنات التي لا تؤثر على نمو العظم.
2-  التهاب حول البراغي أو الأسلاك المعدنية، وهذا شائع جداً في كل عمليات التطويل لكن بالمتابعة والغيار مع ابقاء ما حول الأسلاك نظيفاً من الممكن التغلب على هذه المشكلة.
 
3- مشاكل تكون العظم في منطقة التطويل 
 في بعض الأحيان يكون هناك ضعف تكون العظم، وهذا مرده إلى عدم ثبات الجهاز الخارجي أو هناك نقص في العناصر الغذائية الأساسية أو وجود اضطراب هرموني او زيادة سرعة التطويل.
الأمر الثاني من الممكن أن يكون هناك زيادة تكوين العظم والتحامه بسرعة في منطقة التطويل، وهذا قد يحتاج إلى إعادة عمل شق في العظم مرة اخرى.
ومن مضاعفات منطقة التطويل أنها تنكسر بعد إزالة جهاز التطويل.
4- انحراف في العظم
وهذا سببه القوى العضلية الشديدة التي تعمل على انثناء العظم، وهذه تعد شائعة جداً في عمليات التطويل، وقد تحصل هذه المشكلة في أي مرحلة من مراحل التطويل ويمكن أن تلاحظ حتى بعد عدة شهور وقد يحتاج المريض إلى القيام بإجراء عملية جراحية لتعديل الإنثناء.
5- مشاكل تتعلق بالأعصاب
يمكن أن تتعرض الاعصاب إلى شد زائد أو إصابة العصب من خلال الأسلاك إثناء غرسها وبعدها يشكوى المرض من عدم الإحساس في منطقة معينة في القدم إذا كان السبب الشد الزائد حينها من الممكن التقليل من فترات التطويل.
6- مشاكل المفاصل
في العادة تتواجد كل عظمة في الأطراف بين مفصلين وعند تطويل هذه العظمة يحصل تيبس في إحدى هذه المفاصل والحل الأفضل في هذه الحالات هو القيام بإجراء العلاج الطبيعي لمدة ساعة إلى ساعتين في اليوم وهناك حالات وبالأخص الأطفال إذا كان لديهم قصر خلقي معرضين للإزاحة أو خلع المفصل اثناء فترة التطويل ويمكن تلاشي هذه المضاعفات بالدراسة المتأنية قبل وبعد العملية ومراجعة المريض بصورة مستمرة.
7- الإحباط  والإضطراب النفسي
يصيب بعض المرضى نتيجة بقاء الجهاز فترة طويلة.
متى لا نقوم بإجراء عمليات التطويل على الرغم من وجود قصر في الطرف السفلي؟ 
1. عدم ثبات المفصل حول منطقة التطويل.
2. اضطراب في الإحساس والحركة في الطرف القصير (شلل حسي وعضلي).
3. اضطراب نفسي عند المريض.
4. المرضى الغير متعاونين.
 

المراجع

altibbi.com

التصانيف

أحياء   صحة   طب   العلوم البحتة