الحب والقبلة ماذا تعني للإنسان من الناحية العلمية والنفسية
حذيفة أمين
اجتاحت في العقود القليلة الماضية الكثير من التعقيدات في حياتنا الإنسانية، والتي يمكن حصرها فيما يسمى بالعولمة الرقمية، ونحن اليوم وفي هذا العصر المتقلب نحتاج أن نكون على قيد هذه التكنولوجيات العصرية الكبرى حتى لا يمكن اتهمنا بجهلاء العصر والتكنولوجيا، لذلك نرى الكثير منا يفرغ طاقاته كلها لمواكبة هذه التطورات السريعة ويسارع بشكل غرائبي أن يلحق بها حتى لا يصنف في خانة المتأخر عن ركب قاطرة الحضارة.
لكن بالرغم من الإنجازات العملاقة التي حققتها التكنولوجيا والإعلام الآلي في حياتنا نحن كبشر وخاصة في مجال الصحة والثقافة والاقتصاد، إلا إنها أفقدتنا الكثير من المتعلقات والتي ترتبط أكثر بمجال العلاقات الإنسانية، حيث أصبح الكثير منا في هذه المجتمعات الغارقة بالتكنولوجيا لا يفقه في التعريفات والمرادفات الإنسانية شيء، لذلك نرى في الكثير من المجتمعات الغربية مشاكل مطروحة كلها متعلقة بالفردانية المتزايدة والتي أصبحت فلسفة حياة عند بعض الغربيين، ولكن في مقابل ذلك نجد تشكيلات عرقية وإثنية متنوعة مازالت محافظة على الخصوصية الإنسانية إما من منطلق ديني رباني أو ثقافي عرفي اجتماعي.
في عالمنا المحلي أي الوطن العربي، أصبح احتياجنا للإنسانية يأخذ أشكال مختلفة ومتنوعة إما أن يكون خاضع لعرقية معينة، أو طائفة دينية أو إيديولوجية سياسية، حيث أصبح الإنسان يقف طريق المصلحة بين الأطراف المتناحرة وهذا ما نشهده في الكثير من الدول التي تعاني في صمت دولي من أزمات الحروب على رأسها سوريا. ولكن عند اقترابنا للمحيطات الهادئة -الدول التي تقل فيها الازمات السياسية والحروب- نجد أن التعبير عن أشكال المحبة قد أخذ منحى أخر يكاد يشتبك مع المعاني التي ليست لها علاقة بالسماحة البشرية وفلسفة الأخلاق والجمال، فالحب في عالمنا العربي هو حالة عجز يصل إليها الإنسان عندما يصل لدرجة الوهن والضعف، حتى أن الحب في هذه المجتمعات يصعب فهمه وتفسيره لأنه يخضع للآسف لموروثات تُغرق أشكال الحب في مستقنع القذارة وتصبغه بشتى الأوصاف الدنيئة حتى لا يفكر الفرد العربي في أن يجرب طعمه أو أن يحس عماقة إحساسه.
الغريب في كل هذا أن ثقافتنا ورؤيتنا للحب تنحصر فقط في الممارسة الجنسية وإن كانت من الأساسيات، ولكن أصبحت تعاني هي الأخر نوع من الكلاسيكية المضرة والتي غابت عنها الكثير من الارتباطات كالتربية والتوعية الجنسية، لذلك أصبحنا في عالمنا العربي اليوم نكرر أجيال لا تعرف قيمة الحب وطعمه، بل كل ما يشغل حيز تفكيرنا هو التكاثر من أجل التكاثر، لا من أجل بناء أطفال يتذوقون الحب ويمارسونه ويعملون على نشره.
نحن نحتاج في حياتنا للحب لأنه كل شيء، لا بد أن نتعلم كيف نحب، وأن نعلم لماذا نحب، وأن نستبدل طاقاتنا السلبية ومشاعرنا المحافظة بطاقة الحب والعطاء، لأنه بالحب يسهل في نظري كل شيء، فالحب هو تلك الحلقة المفقودة في حياتنا ولكن إذا عثرنا عليها حُلت مشاكلنا نفسية وإعاقاتنا العاطفية بشكل سلسل، فيسهل التواجب والتعاطي مع مخرجات الحياة المختلفة، الحب هو أن ترى ذاتك في الأخرين، وأن تزكي نفسك لأن تصبح هبة لمن حولك. نحتاج في حياتنا للحب لأنه المخرج من أزماتنا المعاشة ومشاكلنا المتراكمة، ولأنه يضيف لنفس البشرية طعم الله.
الحب هو أن تكون الأخر في ثنايا ذاتك، أن تعيش لنفسك وللأخرين معك، فعندما نتعلم الحب تسقط جبال الأنانية، وعندما نتعلم الحب تسمو بنفسك. ثقافة الحب سهلة وتطبيقها أسهل، فإسقاط الأحكام من على الناس يشجعك على أن تحبهم، فمعادنهم تبقى طيبة وأصيلة وإن خانتهم سلوكياتهم، فالإنسان يظل طيبا لأن فطرة الله غالبة، الحب هو الاحتياج والحاجة هي الحب.
المراجع
aljazeera.net
التصانيف
الطبي العلوم البحتة العلوم التطبيقية