أي نظرة فاحصة لكافة قطاعات الاستثمار نجد أن هناك أعباء متزايدة على الاستثمار، وهذه الأعباء إمَّا مادية او معنوية، وفي أغلب الأحوال الاثنتان، فالنظرة القصيرة الأمد تقود الحكومات سعيا لزيادة الايرادات بغض النظر عن النتائج الآنية بالنسبة للمستثمرين، والمستقبلية بالنسبة للاستثمارات ومناخ الاستثمار المحلي، وعلى مستقبل ايرادات المالية العامة التي ستتباطأ في نهاية المطاف جرَّاء انكفاء المستثمرين وتراجع همة رجال الأعمال الذين سرعان ما يبحثون عن اماكن افضل واجدى لاستثماراتهم، في عالم يسعى لاستقطاب انشطتهم وأموالهم وتقديم الحوافز المادية والمعنوية لهم، وتوفير بيئة حاضنة دافئة آمنة لاستثماراتهم.
وبالعودة الى تفاصيل الأعباء والتي تكاد تطال كافة القطاعات، فالقطاع العقاري يعاني من ارتفاع رسوم التسجيل وتداول الاراضي والمباني، حيث تبلغ نسبة التسجيل 10% من قيمة العقار، وفي بعض الاحيان تعود دائرة الاراضي والمساحة (وهي تابعة لوزارة المالية) على مشتري العقار مطالبة بفروقات اعادة التقييم تحت طائلة الغرامات والتهديد ببيع العقار للحصول على هذه الفروقات، أمَّا بالنسبة للرسوم والغرامات على المباني الجديدة وأذون الأشغال ...الخ من الرسوم فتصل على الأغلب نحو 25% من تكلفة البناء.
أمَّا الصناعة والتجارة فتتم ملاحقة المستثمرين في هذين القطاعين من رسوم جمركية وعمل اضافي وبدل طوابع ورسوم للجامعات وغير الجامعات وغرامات التأخير، الى ضريبة المبيعات والضرائب الاضافية، وصولا الى ضريبة الدخل أي أن هناك ضرائب بمسميات مختلفة وبالتالي يتحملها الصناعي والتاجر، وترحل الى المستهلك النهائي، عندها يتم إفراغ كلمة تشجيع المنتج الوطني من مضمونه.
قطاع الاتصالات يشهد حملات متلاحقة من حصة الحكومة من الإيرادات ( من رأس الكوم كما يقال) بنسبة 10%، ثم ضريبة المبيعات بنسبة 16%، وضريبة خاصة، وضريبة خاصة على الأسعار والضرائب، وصولا الى ضريبة الدخل بحيث يصل ما تستوفيه المالية العامة من كل دينار نحو67%، ومع ذلك نجد حملات تهدد بزيادة ضريبة الدخل على شركات القطاع، وتطالبهم بين الحين والآخر عن مطالبات سابقة تتجاوز العشرين مليون دينار.
أمَّا قطاع التعدين من الفوسفات والبوتاس والأسمنت، وربما مستقبلا قد تطال الضرائب ورسوم المشاركة على الحجر والرمل والهواء الذي يتنفسه المواطنون، أمَّا قطاع الأوراق المالية فيدفع رسوم وغرامات وسط اهمال كبير لهذا القطاع الذي يشغل مدخرات اكثر من ثلاثة ملايين اردني بشكل مباشر وغير مباشر، اما الزراعة فهي الآخرى مهددة على الدوام بنقص التمويل وارتفاع اسعار الفائدة، وغياب الدعم الحقيقي للزراعة كما في معظم دول العالم.
نحن متيقنون أن هناك حقا للمالية العامة في الثروات والانشطة الاقتصادية، إلا أن ما يجري مختلف تماما، فالمطلوب توسيع قاعدة المكلَّفين افقيا والابتعاد عن التركيز عموديا، وكلما زادت الاستثمارات وتمت تقويتها، وتوفير بيئة صديقة مناسبة للمستثمرين تتعاظم معها الايرادات المالية للخزينة، واستعجال القطاف سيضر النمو ويعرقل التنمية.. وهذا ما يحصل حاليا، ونتائجه لا بد ستكون وخيمة.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة خالد الزبيدي جريدة الدستور