ارتفعت أسعار الخدمات الطبية الى مستويات عالية وأصبحت زيارة الطبيب أو المستشفي من أكبر الفواتير التي تؤرق الغالبية العظمى من المواطنين، وندرة تلك التي يتفهم خلالها الطبيب الظروف المالية للمريض، أمَّا المستشفيات فإن ادخال المريض يتطلب دفع مبلغ محترم مقدَّما حتى لو كان ذلك بعد منتصف الليل، وعلى المريض تدبر الأمر، و دون ذلك المبلغ فإن الخدمة العاجلة ( الطوارئ) لاتقدم للمريض، وفي كثير من الأحيان ينتظر المريض الذي يتلوى من الألم لأخذ موافقة شركة التأمين، وغالبا ما تتأخر في إصدار الموافقة.
جمهور الأطباء ومستثمرو المستشفيات يطالعونا يوميا بشكاوى، بعضها محق نسبيا وبعضها الآخر غير محق، ويحمِّلون تارة ارتفاع أثمان الكهرباء والمياه السبب، وتارة أخرى أثمان المستلزمات الطبية ورواتب الطواقم الطبية والتمريضية، والضريبة وغير ذلك، وهذه الكلف يمكن تفهمها إلا أن إدارات المستشفيات تضاعف الأسعار على المرضى ويحوِّلون هذه الكلف أضعافا مضاعفة الى المرضى.
ومن أطرف ما قيل أمس ما ذكره رئيس الجمعية الأردنية للتأمينات الصحية ان ارتفاع فاتورة الطاقة قفزت بأسعار خدمات الرعاية الصحية الى مستويات قياسية الأمر الذي سيؤدي الى ان تصبح الرعاية الصحية اللائقة خدمة كمالية لا يستطيع غير المقتدر ماديا الحصول عليها، وفي ظل الظروف المالية والاقتصادية الاجتماعية الصعبة التي نجتازها ومعظم شعوب المنطقة فإن تعقيد الأمور على من يجد نفسه بين براثن المرض يضعف النسيج الاجتماعي، وان النظر الى الخدمات الطبية والصحية بعين استثمارية بحتة يكون قد أدار الظهر الى انبل مهنة.
هناك قناعة تامة بأن الطاقة من السلع الارتكازية المؤثرة على قائمة طويلة من السلع والخدمات من صناعة وأغذية واتصالات، وفي هذه الحالة فإن أي قطاع يحمل أعباء فاتورة الطاقة كل هذه الأعباء فإن المواطنين سيقعون بين حجري «الرحى» دون رحمة ولا مسؤولية للشركات في القطاعات المختلفة، وهنا فإن هناك اولويات ومرونة ممكنة في تخفيف الطعام والاتصالات وغيرهما، إلا أن الخدمات الطبية والصحية غير مرنة إذ لا يمكن تأجيل الذهاب الى الطبيب او المستشفى خاصة في الحالات الطارئة، وان على أصحاب القرار في القطاع الطبي النظر بمسؤولية تجاه احتياجات العامة لاسيما الفقراء والمعوزين.
إن قراءة سريعة لأداء المستشفيات الخاصة خلال السنوات العشر الماضية، تشير بثقة الى إنها توسعت وتعاظمت موجوداتها وأرباحها بشكل مريح ولافت، وان هذا النمو مستمد من المجتمع الذي تعمل بينه وفيه، من هنا فإن معظم دول العالم لايمكن فيها لأي مستشفى رد المرضى في حالة الإسعاف والطوارئ، وهناك نوع من التأمين لتغطية مثل هذه الحالات، وغالبا ما تتحمل الحكومات أو البلديات مثل تلك الحالات، أمَّا ترك الحبل على الغارب فهو أمر غير مقبول دون تصرف يحمي طرفي العلاقة: المستشفيات و المرضى.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة خالد الزبيدي جريدة الدستور