بعد أربع سنوات عجاف ضربت منطقة اليورو وتركزت في اليونان والبرتغال، استطاعت تلك الدول من التعافي والسير بثبات نحو النمو، وتحمل اليونانيون والبرتغاليون صعوبات كبيرة نجم عنها تخفيض الرواتب واستغناءات بالجملة للموظفين في القطاعين العام والخاص، وهذه التضحية الوقتية اثمرت، فالاسهم اليونانية تضاعفت بمعدل 100% خلال الـ12 شهرا الماضية، اما البرتغال سجلت تساريع وتيرة النمو، اي ان التضحيات الوقتية ادت الى حماية المستقبل للاجيال الحالية والمستقبلية، وفي الولايات المتحدة الامريكية تم التعامل بكفاءة مع الازمة المالية العالمية التي انفجرت في اكثر من خمس سنوات، والقاسم المشترك كان ينطلق من تحمل التضحية وقبول التحدي.

الأردن الذي لم ينغمس في الازمة المالية العالمية، ولم يقع ضحية الديون السيادية، الا ان التعامل مع الاختلالات المزمنة كان لينا يصل حد الترف في ظل ما يسمى بـ الربيع العربي، اما عامة المواطنين فقد اعتقدوا ان الفرص باتت سانحة لتحسين مستويات المعيشة ومضاعفة الرواتب والمزايا من خلال اللجوء للاضرابات والاعتصامات وبلغ الامر تعطيل العمل في الشركات والمؤسسات وقطع الطرق الرئيسية في بعض الاوقات.

شركات الواحدة تلو الاخرى، الكهرباء الاردنية، الفوسفات الاردنية، والبوتاس العربية، الاتصالات الاردنية، الى جانب بنوك وشركات الخدمات، بينما كان المطلوب ان نزيد الانتاجية ونطالب بتحسين الاحوال المعيشية، اذ لايمكن تصور ان نحسين مستويات المعيشة في وقت نمنع الشركات والمؤسسات تسير العمل، واحدى الشركات الرئيسية كانت تخسر يوميا مليوني دينار جراء التوقف عن العمل في المصانع الرئيسية.

وضمن هذا المسلسل الذي يبدو انه لا يقف عند حد اعلنت نقابة المهندسين الاردنيين/محافظة الزرقاء فرع المصفاة اضراباً عن العمل اعتباراً من يوم امس السبت مطالبة بتحسين احوالهم المعيشية، وبعد الاطلاع على سير الحوار بين الادارة العليا للشركة ونقابة المهندسين، نجد ان المهندسين حصلوا على زيادات تتراوح ما بين 100 الى 400 دينار شهريا، وتضم زيادة على الراتب الاساسي وغلاء المعيشة وبدل المواصلات، وهذه نتيجة جيدة في ظل التباطؤ والتراجع العام الذي نشهده، ويضاف الى ذلك المحافظة على الزيادة السنوية على الرواتب، وزيادة المنح الدراسية لابناء الموظفين.

يقول المثل العربي القديم الذي يصلح لكل الازمان...اذا اردت ان تطاع اطلب المستطاع، وهذا موجه ليس فقط لمهندسي المصفاة وانما لكافة المطالبات العمالية بالجملة في كافة، وهنا لسنا ضد اية مطالبة لتحسين مستويات المعيشة، لكن الحكمة تستدعي النظر بشمولية لاوضاعنا اجتماعيا واقتصاديا وماليا، وان المشكلة ان موظفي وعاملي الشركات التي تسلم الرواتب في وقتها وعملت على تحسين مستويات معيشة الموظفين لديها تواجه بمزيد من المطالبات بينما نجد اعدادا كبيرة من الشركات والمؤسسات تكافح للصمود وصيانة مكتسبات الماضي لمواصلة العمل بصعوبة...التضحية الوقتية افضل اكثر مرة من تعطيل سير العمل.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  خالد الزبيدي   جريدة الدستور