الصيغة التي اجترحتها قريحة المفكر التربوي حسني عايش لامتحان شهادة الثانوية العامة فيها إبداع بلا حدود ، فهي تنطوي على إلغاء الامتحان وإبقائه في وقت واحد ، وزارة التربية أبدعت هي الأخرى حين عرضت لهذا المشروع التطويري التنويري عبر موقع خاص ـ كي يشارك الجمهور في إبداء رأيهم فيه وفي غيره ، وهذه سنة حسنة تكتب للوزارة.
حسني عايش واحد من أكثر التربويين التصاقا بالناس وقدرة على تحسس همومهم ، ولديه فكر نير غير تقليدي ، وهو يعرف جيدا مدى ما تعانيه الأسرة الأردنية من هذا الامتحان ، وحالة الطوارئ التي تخيم على البلاد كل عام إبان الاستعداد له ثم إبان تقديمه ، والقلق الذي تعيشه عشرات ألوف الأسر والفتيان والفتيات بانتظار نتائجه ، بعدما صار للعلامة أو لكسر منها أثر في تقرير المصير ، كما يقول ، فقد تحول هذا الامتحان إلى بعبع يدعو كثيرين إلى إلغائه ، وصارت أزمته تكبر سنة بعد أخرى ، وشكاوى الناس منه تشتد ، وانتحار القلقين أو الخاسرين بازدياد. لقد أدى ذلك إلى تمرد الطلبة المقدمين له وذويهم.. والتحايل عليه بشتى أشكال الفساد والغش. وقد ساعدهم التطور التكنولوجي على التوسع فيهما.
الحل الذي يقترحة حسني عايش حل مرحلي وإلى أجل غير مسمى ينتهي بإلغاء الامتحان على نحو أو آخر ، وهو ما يُعتقد أنه يرضي جميع الأطراف ويخدم جميع الأغراض أمنا ومصداقية ونوعية: إلغاء وصف نتائج الامتحان بالنجاح والفشل ، وإعطاء المتقدم إليه كشفا بالعلامات التي حصل عليها فيه وبعلامة النجاح العليا والدنيا في كل مادة ، تاركين لطالبي الكشف قراءته وفهمه والتعامل معه كما يريدون ، خفض عدد المواد التي يتقدم بها الطالب أو الطالبة للامتحان إلى النصف أو أقل أو أكثر قليلا ، أي حسب متطلبات التخصص الجامعي الذي يرغب الطالب او الطالبة فيه ، وبحيث يكون تقدم المزيد منها اختياريا (أو متطلبا جامعيا) وحسب ما هو معمول به في كثير من البلدان المتقدمة ، وعلى أن تكون اللغة العربية واللغة الانجليزية أو الأجنبية الجامع المشترك بين جميع المتقدمين والمتقدمات للامتحان والتخصصات الجامعية.
السؤال الكبير والخطير الذي يطرحه عايش وكل ذي عقل سليم: لماذا يُطلب من طالب او طالبة متفوقين في الرياضيات النجاح في الجغرافيا أو في التاريخ ليقبلا في تخصص الرياضيات في الجامعة؟ ولماذا يطلب من طالب أو طالبة بارعين في آداب اللغة النجاح في الفيزياء ليقبلا في تخصص اللغة وهكذا؟ لقد درسا بقية المواد لمدة أحد عشر سنة حصلا خلالها على الثقافة العامة فيها. إن ذلك يكفي ويزيد.
أشارك الأستاذ حسني عايش أن الصيغة المقترحة إذا تحققت ستريح البلاد والعباد من القلق والتوتر وستجعل الحياة الجامعية أفضل بالمعاني المختلفة للكلمة.
المشروع كبير وخطير ، ويستحق الاهتمام وإبداء الرأي ، فهو صيغة مبتكرة للتقويم المنطقي للطالب ، وتوجيهه الوجهة التي يحتاجها هو والمجتمع في آن واحد.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة حلمي الأسمر جريدة الدستور