مواسم التسوق والسياحة التي يحفل بها الاردن يجب ان تحظى بقليل من الرعاية والتخطيط سعيا وراء إنجاح المشروع الترويجي للبلاد وجذب السائحين اليها، لكن ما يحصل وحصل بالفعل ليس كذلك على الاطلاق، فثمة فوضى وغياب للتخطيط تعاني تحته مشاريع وافكار عديدة كان من المفترض ان تكون منارة للجذب لا ساحة للانتقاد.
الخميس الماضي كان اليوم الاخير في فاعليات القرية العالمية التي استضافتها عمان عدة اسابيع وضمت اجنحة عرضت لمنتجات ركزت في مجملها على ترويج صناعة وتجارة عدد من الدول الاسيوية، واحمد الله ان تلك الفاعليات قد انتهت فمشهدها انطوى على فوضى كبيرة لا اعلم من المسؤول عنها لكنني اعلم انها طاولت في تأثيرها السلبي سمعة المملكة اقتصاديا بحيث لم تأت على الغاية التي جاءت من اجلها تلك القرية.
مواقف للسيارات متناثرة على بوابات المدينة تفتقد الى ادنى اشكال التنظيم او المتابعة وسط اتربة تملأ السيارة بمجرد وقوفها، وما ان تبلغ بوابات الدخول حتى تواجهك فوضى في التنظيم اضرت بالعديد من الاطفال الصغار تحت ضغط واكتظاظ حركة الكبار التي لا تشير الا الى التدافع والصراخ والشتائم.
سواد المشهد لا يقف عند حد المواقف ومنطقة الدخول، انها سيمفونية كاملة للفوضى بكل اشكالها، فتقسيم القرية ليس مناسبا على الاطلاق حيث الاجنحة مكتظة بينما النظافة مفقودة بالكامل بحيث يصعب السير وان تنظر الى أعلى ..يبدو انه من الافضل النظر الى الارض التي تطأها قدماك.
حالة الاكتظاظ داخل اجنحة القرية لا تعبر عن اقبال شديد بقدر تعبيرها عن فوضى عامة لا تسمح بحركة مريحة ومناسبة للكبار والصغار، وكأن المساحات التي منحت لاصحاب الاجنحة كانت تستهدف تزاحم رواد القرية بينما تبدو الرؤية لكافة المنتجات شبه صعبة في ظل هذا التزاحم ..لكن الاهم يكمن في شعورك بالارتياح لمجرد انك خرجت سالما - دون اذى - بعد مغادرتك للجناح الذي كنت فيه.
اذكر انني سمعت المطرب عمر العبداللات يشدو في سماء القرية فلقد ودع فاعليات القرية في يومها الاخير بجملة من اغانيه ذائعة الصيت، حفلته اتسمت بالفوضى بسبب غياب كامل لما يمكن تسميتهم بالمنظمين .. اذكر انني رأيت من بعيد مسرحا يقف عليه العبداللات لكنني رأيت ايضا كراسي متناثرة على الارض وطاولات يقف عليها فتيان وهم يصرخون دونما سبب بينما يوجد حاجز يمنع الصورة بين المطرب والجمهور.
رداءة الصورة توافيك أكثر فأكثر عندما تهم بالرحيل. الخروج من موقع القرية ليس أمرا سهلا، فلقد استغرق معي ومئات غيري أكثر من ساعة ونصف الساعة .. طرق مغلقة في الداخل ..سيارات تتحرك بشكل عشوائي .. ليس ثمة من ينظم ..حتى تطوعت بنفسي ومعي عدد من السائقين الذين يرغبون في الخروج للقيام بتلك المهمة ..قررت الخروج من القرية في العاشرة والنصف وخرجت منها بالفعل في الثانية عشرة بعد منتصف الليل.
عشرات الالوف التي تتدفق الى الملاعب الرياضية في اوروبا او اميركا لحضور مباراة تدخل وتخرج دون ان تشعر المدينة او أي من سكانها بحجمهم الكبير والسبب يكمن في تهيئة البنية التحتية ووجود تنظيم حقيقي لحركتهم، اما نحن فالعجز دائما هو سيد الموقف بالاستناد الى أننا نكره التنظيم شكلا ومضمونا.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد حسن احمد الشوبكي