ملف بنك فيلادلفيا بكامله انتقل الى اروقة المحكمة ، ويسجل لنيابة امن الدولة انها استطاعت استرداد 64 % من اموال كانت تحسب ضمن خسائر المودعين والمساهمين عبر عمليات اقراض شبه وهمية او اخرى متعلقة بالتحايل والاختلاس المزعوم، بينما لا يزال مبلغ 44 مليونا ضمن دائرة الخسارة جراء ما حدث في البنك خلال السنوات الاخيرة من اواخر القرن الماضي.
لا شك في ان هذا الملف ارق الرأي العام المحلي منذ نحو خمس سنوات وهو كذلك شكل ضربة للاقتصاد الوطني بالاستناد الى ضياع حقوق مودعين ومساهمين، ولكن الاهم من ذلك كله يبرز في اشكالية الرقابة والمساءلة حيال ما يحدث في البنوك ومدى التزامها بالقوانين والتعليمات التي يصدرها البنك المركزي الاردني تباعا بهدف الوصول الى نظام مصرفي شفاف وقوي ومحكم.
القضية كبيرة بكل المقاييس فثمة متهمون عددهم يبلغ 43 وتتورط في القضية بحسب لائحة الاتهام شركات مالية وتجارية داخلية وخارجية، غير ان اللاعبين الرئيسيين في قصة ضياع البنك والتحايل على امواله لا يزالون بعيدا عن قفص الاتهام بسبب فرارهم خارج البلاد ومنهم رئيس مجلس الادارة وعدد من شركائه.
وبالعودة الى الذاكرة القريبة قبل بضع سنين فإن ما جرى من عمليات تحايل داخل البنك يشير الى ان تلك العمليات تقارب في شكلها ومدلولها عمل العصابات المنظم، فالاقراض واموال التسهيلات تتدفق دونما اي شروط او عقود او ضمانات، وهنا لا بد من تساؤل او اكثر عن دور جهاز الرقابة ( البنك المركزي ) عما حدث، وكيف مرت تسهيلات بالملايين دونما رقيب؟ أم أن الرقيب لم يكن رقيبا ويشوب دوره الكثير من الهنات؟
"الغد" كانت سباقة لتحقيق الشفافية في هذه القضية حيث نشرت قبل نحو عامين قائمة بالتسهيلات واسماء المستفيدين منها، ومن كان له سجل في البنك موثق واستفاد من تلك التسهيلات ومن لم يكن لديه اي عقد او ضمان لحقوق المالكين، فحصل على التسهيلات دون وجه حق ودون اسانيد مصرفية معروفة.
اتساءل مرة اخرى هل حوسبت دائرة رقابة البنوك في البنك المركزي عن تسهيلات بالجملة - دون وجه حق - اشترك في التحايل بشأنها على مدار سنوات عديدة عملاء محليون وعرب وحتى اجانب .. اعتقد ان مساءلة كتلك لم تحدث ويبدو انها لن تحدث ، بينما تم الاكتفاء بتحديد المتهمين والتحقيق معهم وتحويلهم الى محكمة امن الدولة واسترداد جزء رئيس من اموال كانت مفقودة .
قصة بنك فيلادلفيا لن تكون الاخيرة ما لم يتم تفعيل تطبيق التعليمات والقوانين التي تصدر عن البنك المركزي من جهة، والعمل على اعادة انتاج نظام رقابة كفؤ وفعال من جهة اخرى، واهمية تكريس مثل النظام وجعله واقعا لا يمكن تخطيه سيقلل حتما من انهيار مصارف اخرى ويجنب الاقتصاد الوطني هزات هو في احوج ما يكون بعيدا عنها.
حدثني صديق يعمل موظفا في شركة صغيرة عن سلسلة اجراءات عديدة طلبها المصرف الذي حاول الاقتراض منه مبلغ الفي دينار قبل ست سنوات .. تلك الاجراءات لم تقف عند تحويل راتبه الشهري بالكامل الى ذلك المصرف والانتظار فترة ثلاثة شهور للتأكد من استمرار حصوله على راتبه اضافة الى مراسلات بين الشركة التي يعمل فيها والبنك بمثابة ضمانات للبنك في مواجهة موظف الشركة فضلا عن طلب حضور كفلاء للتوقيع وغيرها من الاجراءات ... وبالتزامن مع هذه القصة كان ثمة رئيس مجلس ادارة وشركاء وعملاء مسجلين وغير مسجلين قد استولوا على بنك فيلادلفيا في ضوء النهار دون جلبة او رقيب او حسيب !!
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد حسن احمد الشوبكي