في الطّريق إلى مزرعة الأصحاب في "المصطبة" سنمرّ بمدرستين؛ واحدة للبنات والأخرى للبنين، وسنرى أكوام القمامة تتطاير من تحت أسوارهما وتتراكم كيفما اتّفق في الجوار. وفي تقويمٍ سريعٍ وفعّال لأداء المدرستين، سنحكم بالإخفاق عليهما فوراً قبل دخولهما، مادامت البيئة المحيطة بهما قد تحوّلت من أرضٍ معشوشبة خضراء -يمكن أن تصبح دغلاً جميلاً من زرع الطلبة- إلى مكبّ نفايات! وهذا يعني أنّ دور المؤسّسة التّعليميّة قد اقتصر على الوعظ والإرشاد والحفظ والتّلقين، دون أن تأبه إلى الغاية الأسمى للتربية والتّعليم وهي أن يُصبح التلميذة والتّلميذ قادرَيْن على تحسين حياتهما والسّيطرة الإيجابيّة على عناصرها. في الوقت نفسه سنجد على طريق المطار مدرسة خاصّة قد جعلت من الأرصفة المحيطة والجوار جنّة صغيرة. فالرّسالة التي تبعثُ بها هذه المدرسة دون أن تتكلّم تتلخّص في أنّ البيئة الطبيعيّة حول المدرسة وحول الإنسان، واجب على السكّان مهما صغروا في السنّ، وأنّ الجمال في الطّبيعة والمرافق سيُربّي النّفس على الجمال بمطلقه وعلى حبّه والشّغف في تحقيقه. بل تربي الطفل على أن يكون إنساناً أصلح ومواطناً أفضل.
ومن دون أن نقصد أيّ تمييز طبقيّ، سيكون من السّهل والصّحيح القول إنّ طلبة القرية المذكورة، وبحالها الراهن من التعوّد على أكوام القمامة وتقبّلها، بل وصنعها، وإهمال الجوار، لن تُخرّج أجيالاً تُعنى بقيم التحضّر ومنها النّظافة والحفاظ على البيئة، وهما أمران لا علاقة لهما بالوضع الاقتصاديّ للطّلبة وأهلهم وهيئاتهم التّدريسيّة. فالطّفل الذي يخرّب بيئته المحيطة سواء أحديقةً كانت أم بناء عاماً أم لمبة على عمود كهرباء أم رصيفاً، هو ابن مدرسة ليس من أولوياتها تنشئة الأطفال على وعي أخضر صديق للبيئة، وليس في مصطلحاتها الخروج بالتّعليم من الوعظ والتَّعنيف إلى فهم العالم والكون والتعامل معهما بما يحفظهما لنا ولمن بعدنا، وليس على قائمة الأهداف تخريج مواطنات ومواطنين صالحين يرفعون الأذى عن الطّريق! 
من جهة أخرى، بادرت مؤسّسة إعلاميّة، هي تلفزيون رؤيا، إلى تنظيم رحلة لموظفيها وموظّفاتها إلى أحراش دبّين التي عانت من الإهمال والجور البشريّ بعد العاصفة الثّلجيّة، لتنظيفها وتأهيلها كمكان راق لطلب الاستجمام والسياحة. وهي بادرة حضاريّة تعكس وعياً بأهميّة الجمال والحفاظ عليه، وبأهميّة الثروات الطبيعيّة وصيانتها، وبأهميّة الوعي الأخضر...

المراجع

alghad

التصانيف

صحافة  زليخة أبوريشة   جريدة الغد