الصرع وتداعياته المرضية على المرأة الحامل 

الدكتور منذر عزام – اخصائي الجراحة النسائية والتوليد والعقم:

غالبية حالات الاضطرابات النفسية في فترة النفاس قد تكون امتدادًا لما يحدث اثناء فترة الحمل او الولادة وما يصاحبها من الام وقلق نفسي

يُعرف الصرع بأنه حالة مرضية ناتجة من خلل في النشاط الكهربائي للدماغ وهذا يؤدي بدوره الى حدوث حالات متنوعة من نوبات تشنجية مصحوبة بفقدان قصير الأمد للوعي

نوبات التشنج أثناء فترة الحمل تشكل خطرًا على الأم وجنينها إضافة الى ان بعض الأدوية المضادة للتشنجات قد تؤدي الى اصابة الجنين بتشوهات خلقية ومع ذلك يمكن القول إن باستطاعة معظم النساء المصابات بالصرع الحمل بسلام وإنجاب اطفال أصحاء

تبلغ نسبة ولادة أطفال بتشوهات خلقية لأمهات غير مصابات بالصرع نحو 2 في المئة في حين تبلغ هذه النسبة نحو 6 في المئة عند أطفال الأمهات المصابات بالصرع اللواتي يتناولن نوعاً واحداً من الأدوية المضادة للتشنجات غير أن هذه النسبة تصل الى نحو 20 في المئة عند أطفال الأمهات اللواتي يتناولن اكثر من نوع واحد من الأدوية المضادة للتشنجات

يتحتم على كل النساء اللواتي يستخدمن الأدوية المضادة للتشنجات تناول أقراص حامض الفوليك قبل الحمل وخلال الثلاثة أشهر الأولى من الحمل لأن ذلك قد يقلل من إمكانية الإجهاض أو إصابة الجنين بالتشوهات الخلقية وتحديدًا السنسنة المشقوقة


لعل العديد من السيدات الحوامل لا يعلمن مدى الخطورة التي قد تعاني منها السيدة بعد الولادة، بل ان العديد من الاطباء قد لا يعطي الاهتمام الكافي لهذه الحالات، التي قد تؤدي بالسيدة الى رفض الاهتمام بوليدها، وأحيانًا الى محاولة التخلص منه، وعليه، ولما تشكله هذه الحالة من خطورة على صحة المرأة والجنين، تقع على عاتق طبيب النسائية مسؤولية خاصة، سواء في التشخيص المبكر او حسن الادراك والتعاطف مع مريضته، وأيضًا في العلاج وأساليبه الحديثة في منع حدوث مضاعفات، وعلينا ادراك أن غالبية حالات الاضطرابات النفسية في فترة النفاس، قد تكون امتدادًا لما يحدث اثناء فترة الحمل او الولادة، وما يصاحبها من الام وقلق نفسي، وعليه فان مراعاة الحالة النفسية للمرأة الحامل سواء من قبل طبيبها او الزوج او المحيطين بها، له الدور الاساسي في التقليل من حدة الانتكاسة المصاحبة لهذه الحالة، لذا يجب تثقيف الزوج والمحيطين بالمرأة الحامل بتجنب اخبارها بالأخبار السيئة، او وضع الملامة على الزوجة بنوع المولود القادم، او المعاملة السيئة التي لا تليق بالأنثى بشكل عام، والحرص على مشاعرها سواء اثناء الحمل او الولادة او ما بعد الولادة، بل لا ابالغ بالقول طيلة الحياة الزوجية.

وهنا، وفي هذه الحالة ارتأيت ان القي الضوء على انواع ثلاثة من الاضطرابات النفسية التي قد تواجه المرأة بعد الولادة:

(اضطرابات مشاعر المرأة بعد الولادة)

يحدث لدى 50% من النساء ويبدأ في اليوم الثاني او الرابع من الولادة، ويستمر لغاية ما يقرب من الاسبوع، وهو يعد نوعًا من اضطرابات المزاج وليس مرضًا نفسيًّا، وتشخيصه غالبًا يعتمد على اعراض تبديها المرأة، من حزن عميق الى بكاء مستمر الى عدم النوم، وعدم القدرة على التركيز وألم في الراس، وعدم الاهتمام الكافي بالطفل، وأحيانًا رفض كامل للجنين، وهنا يأتي دور مستشار النسائية في علاجها وتثقيفها.

(اكتئاب ما بعد الولادة)

تكون نسبة حدوثه 25% ويكون في خلال السنة الاولى بعد الولادة، وتبلغ شدته القصوى بعد اربعة اسابيع من الولادة، وتكون الاعراض المصاحبة ما بين البسيطة والمتوسطة اوالشديدة في حدتها وقد تضم:
-الشعور بالإرهاق والعصبية.
-فقدان الشهية الجنسية.
-شعور دائم بالذنب.
-عدم الاهتمام بالوليد وعدم القدرة على التعامل مع احتياجات الطفل، تتاثر به عادة الزوجات اللواتي يتعرضن الى خلاف زوجي او انتكاسة ما، على الصعيد العاطفي قبل فترة قصيرة من الولادة، وليس اثناء الولادة، وهو بحاجة الى ادوية خاصة مضادة للاحباط من قبل الطبيب.

(اضطرابات نفسية مرافقة للنفاس):

تحدث في ولادة من بين كل 500 ولادة، وتبدأ في اليوم الثالث الى السابع من الولادة، وهو الاخطر سواء بالنسبة الى الام او للطفل، وفي دراسة حديثة بهذا الشأن تبين ان 5% من السيدات يلجأن للانتحار وان 4% منهن يقتلن اطفالهن، وعلينا الادراك ان الاعراض المصاحبة له تكون منكرة وغير معترف بها من السيدة، ويكون مصاحبًا لها العديد من التصرفات الشاذة:

-Delusion (الوهم)
-Hallucination (الهلوسة)
-Confusion (تشوش)
-Cognitive impairment (خلل في الادراك)

النساء اللواتي يكُنَّ عرضة لهذا الاضطراب، هن من عانين في السابق مما يعرف بالإحباط الجنوني، وهنا فان الادخال الفوري الى المستشفي هو واجب وذلك للمتابعة الحثيثة للام والطفل وللعلاج النفسي، ومما تجدر الاشارة اليه ان 50% من هؤلاء النساء هن عرضة لتكرار هذا في حملهن القادم .
الصرع وتداعياته المرضية على المرأة الحامل
يُعرف الصرع بأنه حالة مرضية ناتجة من خلل في النشاط الكهربائي للدماغ، وهذا يؤدي بدوره الى حدوث حالات متنوعة من نوبات تشنجية مصحوبة بفقدان قصير الأمد للوعي.
والصرع ليس مرضاً، إذ أنه في 50 في المئة من الحالات يكون عرضاً من أعراض أمراض، أو حالات معينة تصيب الدماغ بالإيذاء. أما في باقي الحالات فيكون السبب غير معروف. وفي هذه الحالة قد تلعب الوراثة دورها في حدوث بعض انواع من الصرع. وقد أشارت دراسات عديدة الى ان الرجال اكثر عرضة للإصابة بهذا النوع من الصرع (غير معروف السبب)، مقارنة مع النساء بنسبة واحد في المئة.
ومعروف أن نوبات التشنج أثناء فترة الحمل تشكل خطرًا على الأم وجنينها، إضافة الى ان بعض الأدوية المضادة للتشنجات قد تؤدي الى اصابة الجنين بتشوهات خلقية. ومع ذلك يمكن القول إن باستطاعة معظم النساء المصابات بالصرع الحمل بسلام وإنجاب اطفال أصحاء، ويفضل ان تُعلم المرأة طبيبها مسبقاً بعزمها على الحمل، الذي قد يقوم باستبدال الأدوية المضادة للتشنجات التي تتناولها بأدوية أخرى أكثر أماناً على الجنين.
ولوحظ ان مستوى الأدوية المضادة للتشنجات في الدم غالباً ما تتأرجح بين الزيادة والنقصان خلال فترة الحمل، ما يترتب عليه نقصان او زيادة تكرار حدوث النوبات التشنجية. لذلك من المهم أن تتقيد المرأة الحامل بمواعيد زياراتها للعيادات التخصصية، وخصوصاً عيادة متابعة الحمل وعيادة الأمراض العصبية، حيث يقوم اخصائي التوليد بمراقبة تطور أعضاء الجنين، والذي قد يتخذ قرارات حاسمة في حال ملاحظة اي تشوه جسدي على الجنين. وأما الطبيب المتخصص في الأمراض العصبية فيقوم بمتابعة وفحص مستوى الأدوية المضادة للتشنجات في دم المرأة الحامل بشكل اكثر انتظاماً، مقارنة مع الفترة خارج الحمل. وفي حال معاناة الحامل من غثيان الصباح وعدم استطاعتها تناول الأدوية المضادة للتشنج، فقد ينصحها الطبيب بتناول الأدوية بعد مرور فترة الصباح المصحوبة بالغثيان والتقيؤ.
وترغب بعض النساء بالتوقف عن تناول الأدوية المضادة للتشنجات في حال رغبتهن بالحمل. وإن حصل ذلك، فقد يؤدي الى زيادة شدة التشنجات وتكرارها، ما قد يؤدي الى إيذاء الجنين، أو الإجهاض نتيجة التقلصات العضلية التي تحدث أثناء النوبة. لذلك من الضروري ان تستشير المرأة التي تعاني من الصرع الطبيب قبل اتخاذ أية قرارات أو القيام بخطوات قد تجلب لها المتاعب.

مخاطر الأدوية المضادة للتشنجات:

تبلغ نسبة ولادة أطفال بتشوهات خلقية لأمهات غير مصابات بالصرع نحو 2 في المئة، في حين تبلغ هذه النسبة نحو 6 في المئة عند أطفال الأمهات المصابات بالصرع، اللواتي يتناولن نوعاً واحداً من الأدوية المضادة للتشنجات، غير أن هذه النسبة تصل الى نحو 20 في المئة عند أطفال الأمهات اللواتي يتناولن اكثر من نوع واحد من الأدوية المضادة للتشنجات. لذلك من المهم ان تكون المرأة مسيطرة على تشنجاتها بأقل كمية ممكنة من الأدوية قبل الحمل، وذلك بتغيير نمط حياتها، بالابتعاد عن العوامل التي تساعد على حدوث النوبات التشنجية، مثل:
-الانفعالات العاطفية.
-الحرمان من النوم.
-الإرهاق الجسدي والعقلي (الإفراط في العمل الجسدي أو النشاط الذهني).
-تناول المشروبات الكحولية.
-ارتفاع درجة حرارة الجسم الناتجة من الأمراض المعدية أو التعرض لأشعة الشمس الحارقة أو التواجد في أماكن حارة.
-تهيج الحواس الخمس (الضوضاء والصوت المرتفع، الحمام الساخن، الضوء المتأرجح وخاصة ضوء جهاز التلفاز، أو انعكاس أشعة الشمس على سطح الماء).
ويعتبر انشقاق الشفة أو الحنك أو الاثنتين معاً من أكثر التشوهات الخلقية التي قد تصيب الأطفال لأمهات مصابات بالصرع، اذ تبلغ هذه العاهة ثلث العاهات الخلقية.
وقد يصاب الطفل بمتلازمة تدعى "متلازمة الجنين الناتجة من الأدوية المضادة للتشنجات " Fetal Anti-Convulsant Syndrome ومن أبرز علامات وأعراض هذه المتلازمة: اضطرابات في النمو واضطرابات سلوكية وصعوبة التعلم.
وقد لوحظ ايضاً أن التشوه الخلقي المسمى "السنسنة المشقوقة" Spina Bifida أكثر انتشاراً بين الأطفال المولودين لأمهات يتناولن عقار الكاربامازيبين، مقارنة مع أطفال الأمهات اللواتي لا يعانين من الصرع. اذ ان هؤلاء الأطفال معرضون للإصابة بهذه العاهة أكثر بعشر مرات من الأطفال لأمهات سليمات. لذلك يجب متابعة الحمل بإجراء فحوصات "اولتراساوند" وفحوصات مخبرية للدم للتحري مبكراً عن وجود السنسنة المشقوقة (وتعرف السنسنة المشقوقة بأنها عدم التحام القناة العصبية بشكل كامل بسبب عدم اكتمال تكوين بعض فقرات العمود الفقري).

الوقاية:

يتحتم على كل النساء اللواتي يستخدمن الأدوية المضادة للتشنجات تناول أقراص حامض الفوليك قبل الحمل، وخلال الثلاثة أشهر الأولى من الحمل، لأن ذلك قد يقلل من إمكانية الإجهاض أو إصابة الجنين بالتشوهات الخلقية، وتحديدًا السنسنة المشقوقة.
وخلال الشهر الأخير من الحمل يجب إعطاء الأم فيتامين K، كذلك يجب إعطاء هذا الفيتامين للوليد، وذلك لأن بعض انواع الأدوية المضادة للتشنجات تقلل من مستوى فيتامين K في الجسم، وهذا قد يؤدي بدوره الى حدوث نزيف في دماغ الطفل أثناء الولادة.
ومن الجدير بالذكر انه باستطاعة الأمهات اللواتي يتناولن الأدوية المضادة للتشنجات إرضاع أطفالهن رضاعة طبيعية، إذ أن نسبة ضئيلة جدًّا من هذه الأدوية تمر عبر حليب الأم الى الطفل، بحيث لا تشكل خطراً عليه. غير انه في حال تناول الأم لجرعات عالية من عقار فينوباربيتون او عقار اثيسوكسامايد فهنا يجب عليها استشارة الطبيب.


المراجع

alarab.com

التصانيف

أحياء   الطبي   طب   العلوم التطبيقية   العلوم البحتة