يغرق بعض المحللين الماليين في التوقعات بشأن استئناف طفرة العقار في السوق المحلية، ويذهب هؤلاء إلى أن طفرة العقار لم تأتِ إلى الاردن بعد، وأن سعر العقار هو الأرخص في بلادنا مقارنة بباقي دول المنطقة، لا سيما اذا ما قورنت أسعار الشقق والمكاتب والأراضي في الأردن مع فلسطين المحتلة وسورية ولبنان وحتى مع الأسعار في دبي.
توقعات بعض المحللين تستند الى ان نحو ثلثي السكان دون سن 35 عاما، وهو ما سيساعد الطلب في الارتفاع خلال الشهور الستة المقبلة خاصة وأن عدد الشقق المطلوبة يتخطى 30 الف شقة سنويا.
في العلاقة بيت التمويل المصرفي والعقار، تبرز حقيقة توقف البنوك عن التمويل لفترة امتدت أكثر من خمسة شهور ولا توجد مؤشرات واضحة على ان البنوك ستستأنف التمويل للنشاط العقاري في البلاد رغم وجود ما يقارب 4 بلايين دينار للاقراض في البنوك المحلية.
ذات المؤشرات الغائبة كانت سبب توجه لدى الحكومة في تثبيت ضريبة الدخل عند مستوى 35% بالنسبة للبنوك خلافا للنسبة المخفضة 25% التي كانت مقترحة وجاءت في مشروع قانون الضريبة الموحد المعروض حاليا على ديوان التشريع تمهيدا لعرضه على البرلمان في دورته المقبلة.
نعم هو توجه حكومي منطقي وواقعي ويستند إلى حقائق على الأرض لا مجرد افتراضات لا تقوى على الصمود، فوزارة المالية والبنك المركزي والبيانات الرسمية والتحليلات المالية والاجابات التي حصلت عليها شركات عديدة ومنها شركات النشاط العقاري والانشائي، كلها مجتمعة تؤكد فرضية ان البنوك تشددت في الفترة الماضية في منح التسهيلات، ويقود الى التوقع باستمرار البنوك في سياسة التشدد حتى لو ظهر ما يؤشر على عكسه بشكل تدريجي في الشهرين المقبلين.
سياسة التشدد تلك فرضت حالة رعب سيطرت على المشهد الاقتصادي عموما، وتعدد فيها شكل الخسارة وشمل حتى البنوك، فأرباح البنوك في الربع الاول من العام 2009 وفقا لتسريبات حكومية تراجعت بنسب تراوحت بين 20% و30% مقارنة مع ذات الفترة من العام الماضي، كما ان صورة الانكماش في الاداء الاقتصادي بدت أكثر وضوحا مع بدء فصل الصيف، ولحقت بها صورة اخرى تعزز من حال الترقب، فالحكومة تترقب من البنوك ان تقوم بدور أكثر توسعا في النشاط التمويلي، والبنوك تترقب من الحكومة مزيدا من الامتيازات والتطمينات، أما الافراد فيترقبون تراجع اسعار العقار التي شهدت انخفاضا في الشهور الثمانية الماضية لم يتجاوز 15%، وليس متوقعا لتلك الاسعار ان تنخفض بنسب اكبر.
قلق الحكومة السابق من كون البنوك تتشدد، مبرر، ولكن ما هو غير مبرر أن يكون المدخل لتغيير المشهد عبر مشروع قانون الضريبة الجديد، فالقانون ليس الوسيلة المناسبة لتشجيع البنوك على التوسع في الاقراض، ولا تلجأ الحكومات عادة الى تغيير قانونها بشكل جوهري لتنشيط قطاع مصرفي على تقديم تمويلات اكثر، وإلا فإن قوانين الضريبة في معظم البلدان ستشهد تقلبات حادة تبعا للزعم السابق وهو ما يعيث خربا في خرائط الاستثمار والجذب الاستثماري من وإلى البلاد.
البنوك المحلية تعاني من مشاكل متراكمة في شكلها ومضمونها، فالدراسات المالية تشير إلى ان التركز المصرفي شديد في الاردن ويفوق حاجة السكان والاقتصاد، والبنوك عائلية بامتياز، والادوات المصرفية التي تعمل تحتها ليست استثنائية مقارنة بكثير من دول العالم وحتى بعض دول المنطقة، فالاولى العمل على تطوير هيكليلة البنوك وأدائها لا منحها مزيدا من الامتيازات غير المجدية.
حسن احمد الشوبكي
المراجع
alghad.com
التصانيف
صحافة حسن احمد الشوبكي العلوم الاجتماعية الآداب