بعد أسبوع ستحتضن البلاد ممثلين ورجال أعمال ومعنيين بالشأن الاستثماري، وثمة مشاركات عربية وأجنبية تستوجب ان نلتفت إليها حتى لا نهدر فرصا كما فعلنا في السابق.
فالاستثمار يبحث عن مغريات وعوائد ومهاجع آمنة، فيما البيئات المحلية وبعض الإقليمية تعج بالفوضى وتحتاج إلى إعادة ضبط وتوحيد خرائط ومؤسسات الاستثمار بهدف تحقيق الفائدة المرجوة من عقد مثل تلك التظاهرات الاقتصادية.
عمليا، يتطلع رجل الأعمال القادم من آسيا أو أوروبا الى ميزات نسبية ومعايير استثمارية سهلة ومريحة، علاوة على تفكيره الدائم بتحقيق عوائد عالية، وهو لذلك يسعى الى جغرافيا آمنة بالمعنى الشامل لكلمة آمنة، ومن ذلك استقرار التشريعات وتوحيدها وضمان عدم تعددية المؤسسات ذات الصلة بالقرار الاستثماري، وبما يتيح له العمل ضمن اجواء مؤسساتية لا فردية فيها.
في مقابل طموحات ومطالب رجال الاعمال، فإن الاردن يعتبر -نظريا- جغرافيا مشرقة للمستثمرين سواء كانوا عربا أم غير عرب، وسمعنا في مؤتمرات سابقة المديح عن بيئة الاستثمار المحلية، لكن تلك البيئة، التي أعدت وثائق مشاريع لنحو 60 مشروعا ستطرح على المستثمرين الذين سيحضرون المؤتمر الاردني الاول للاستثمار، تعاني من مشاكل شبه مزمنة تتمثل في عدم توحيد المؤسسات وعدم وضوح البيئة التشريعية تجاه قوانين اقتصادية مهمة.
وهنا تقف إشكالية التشريع حجر عثرة امام أي تقدم استثماري، وأزعم ان أي مسؤول اردني لا يقوى على توضيح طبيعة التشريع الضريبي الذي سيحكم البلاد في العامين المقبلين، وإذا سأل مستثمر ينوي الاستثمار بحجم 60 مليون دولار في المؤتمر عن السيناريو الذي رافق مشروع قانون الضريبة الموحد، فإن الإجابات ستزيد من حيرته ولا تقلل منها، إذ أن التراخي الرسمي في التعامل مع تشريع مهم كمشروع قانون الضريبة وتركه لسنوات حبيس الطرح وعدمه، ومن ثم فتح النقاش فيه على الملأ بصورة كتلك التي تسببت في فشل تسويقه وغيرها من نماذج الاهمال التشريعي، كلها مجتمعة تجعل اسئلة المستثمر بلا إجابات، وتزيد من حيرة المستثمر الباحث عن بيئة جاذبة لا سيما في التشريع.
إشكالية عدم توحيد المؤسسات لا تقل ضررا عن إشكالية عدم الثبات والوضوح في التشريعات، فالمستثمر يبحث عن مؤسسات تكفل له حرية التسجيل والانتقال والتملك، ويطمئن عندما يتعامل مع جهة واحدة، أما ترك القرار الاستثماري لمزاجية هذا الوزير أو ذاك، فهذا أمر لا يجدي نفعا وثبت فشله، كما ان المؤسسات العديدة التي تروج المملكة بصورة مختلفة عن بعضها البعض تتسبب في عمى ألوان، يصيب في نهاية الامر هدف العملية الاستثمارية بالمحصلة النهائية ويجعل النتائج غير مقنعة لا للمسؤول المحلي ولا للمستثمر الاجنبي أو العربي.
ولا أعلم حقيقة، لماذا لا تخطو الحكومة الحالية خطوات عملية باتجاه توحيد تلك المؤسسات وجعلها تنضوي تحت مؤسسة تشجيع الاستثمار بوصفها الاكثر كفاءة وقدرة على تسويق الاردن اقتصاديا وفقا لخريطتها الاستثمارية ودراساتها عن الداخل والخارج على حد سواء.
هنالك مئات المستثمرين ومنهم نحو 100 مستثمر صيني في مجال الصناعات عالية التقنية -سيحضرون المؤتمر- يبحثون عما يغريهم بالتواجد في الاردن، فهل أعدت الحكومة ومعها القطاع الخاص العدة لجذب هؤلاء، أم أن المسألة لا تعدو كونها اجتماعات وجلسات تستمر يومين ثم تمضي من دون أي اهتمام، كما مضت مؤتمرات كثيرة.
واقع الاستثمار في الاردن يحتاج الى قرارات شجاعة، وليس أقلها توحيد المؤسسات ومنح الاستقرار لبيئة تشريعية ذكية وجاذبة.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد حسن احمد الشوبكي