ليس مهما على الاطلاق بقاء الحكومة الحالية أو تعديلها أو حتى تغييرها اذا لم تلتفت المؤسسات الرسمية الى حال الناس الاقتصادية والرعب المعيشي الذي يهددهم صبيحة كل يوم.
الجدل الدائر حاليا في أوساط النخب يتمحور حول حل البرلمان وقانون الانتخاب وتغيير الحكومة وحديث الإصلاح السياسي، الذي ما يزال يراوح في مربعه الاول، غير أن صوت الشارع وأنين الناس يرتقيان الى تحديات أكثر جسامة وأكثر أهمية، وها هم الاردنيون يجاهرون برفض كل السياسات الاقتصادية المتلعثمة التي تسببت في حرمانهم من غد أفضل.
ماذا يعني أن تحصل حكومة -مضى على عملها عامان- في استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية على نسبة النجاح في إدارة السياستين الخارجية والداخلية بنسبتي 67 و58 % على التوالي، بينما تفشل ذات الحكومة في إدارة الملفات الاقتصادية وتحصل على 45 % فقط من المستجيبين لاستطلاع المركز الذي أعلنت نتائجه ظهر أمس.
التساؤل السابق يفتح أسئلة أكثر خطورة، وعلى رأسها أن الحكومات ومنها الحكومة الحالية لا تفكر في الاقتصاد وليست حياة الناس ضمن أولوياتها، وإلا فلماذا تفشل الحكومة الحالية بشهادة الناس أنفسهم، وأبعد من ذلك، هل توجد لدى الحكومة خطط وبرامج للانقاذ وتحسين حياة المواطنين والتخفيف من حجم البطالة؟ وما هذا التجريب المديد الذي لم تثمر بعده أشجار الحكومات عن شيء؟.
في التفاصيل تكمن الحقيقة المفجعة، فالسياسة الاقتصادية وما شهدته من إخفاقات في عيون الاردنيين وجيوبهم، كما يشير الاستطلاع الاخير، تمثل مثلث الرعب بالنسبة للمواطنين، فأكثر من 72 % من المستجيبين اعتبروا أن الحكومة فشلت في ربط الرواتب بالتضخم، وأن ثلثي العينة رأت أن حماية ذوي الدخل المحدود لم تتم، فضلا عن أن ملفات اقتصادية أخرى كشفت نتائج السؤال عنها عن وجود اغتراب حقيقي بين ما فعلته الحكومة والمأمول في نظر المواطنين.
القصة أكثر تعقيدا في الجنوب المهمش، فأداء الحكومة الاقتصادي فاشل في عيون أكثرية عينة الاستطلاع، لكن الاجابات القادمة من الجنوب مفزعة على نطاق أوسع، إذ أن تقييم أداء الرئيس والوزراء والحكومة في نظر الجنوبيين دون 40 %، وهو ما يدعو الى إعادة التفكير في حظ إنسان تلك الجغرافيا البعيدة عن عمان من التنمية، ويتساوق مع تلك النتائج المخيبة لآمال الرسميين ما آل إليه الاستطلاع من أن الوضع الاقتصادي للمواطنين بصفة عامة قد ساء بنسبة تشمل 40 % منهم، وأن أقل من خمس المستجيبين فقط كشف عن تحسن وضعه الاقتصادي، وهي نتائج خطيرة وتتشابه مع نتائج مماثلة أعلن عنها سابقا عندما كانت قرارات رفع أسعار المحروقات تتصاعد بنسب عالية. تلك النتائج، التي تؤكد فشل الجهد الاقتصادي الرسمي، تدعو الى إعادة إنتاج خطاب اقتصادي جديد وقريب من الناس وهمومهم، كما تدعو الى تشكيل فريق اقتصادي لإدارة ملفات الاقتصاد وفق خطط وشفافية وقدرة عالية برؤية هدفها الوحيد تحسين حياة المواطنين ونقلهم من الحال السيئة الى أخرى جديدة.
مرة أخرى، لا يعني رب الاسرة في معان أو الطفيلة أو الكرك أو حتى في السلط وإربد والزرقاء من سيكون الرئيس المقبل ومن هم وزراؤه، ما يعني المواطنين حياتهم ومستقبلهم وغذاء أطفالهم ورسوم الجامعات، فهل تصحو المؤسسة الرسمية؟.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد حسن احمد الشوبكي