من يطالع ما جرى ويجري في دور رعاية الأيتام في الأردن ، يصاب بحالة ذعر مريعة ، وأول فكرة تتبادر إلى الذهن هي: لم لا يستقيل المسؤول عن هذه الكارثة ، ثم ما يلبث أن يتراجع قليلا ، فلو كل خلل وقع طالبنا باستقالة المسؤول عنه ، فلن يبقى مسؤول في مكانه.
قد يكون في المسألة شيء من المبالغة الكاريكاتورية ، لكن حجم التسيب والتدهور في الخدمات العمومية ينذر بسوء كبير ، يحار المرء معه في كيفية المعالجة،.
ثمة قضية هنا غاية في الأهمية ، التسيب الحاصل والإهمال ربما ليس جديدا ، يعني أوضاعنا لم تزدد سوءا ، ولكن الجديد في الأمر اننا لم نكن نعلم ماذا يجري قبل ثورة الانفجار المعرفي ، وسهولة نشر الأخبار ، وتناقل الوقائع وانسيابها بيسر بين أيدي الناس ، إنها شفافية جبرية جعلت من اي حدث خارجا عن السياق يجد طريقه إلى النشر بعد أن تحول المواطن إلى صحفي ، ومن يستمع إلى الإذاعات المحلية المرئية والمسموعة ، يشعر أن مندوبي الإذاعات والمواقع الإخبارية منتشرون في كل قرنة وزاوية من أرجاء الوطن ، فكل مواطن هو صحفي ، ينقل المعلومة على الهواء مباشرة ، بدون رقابة مسبقة ، أو حتى تمحيص وغربلة ، وأذكر إبان عملي في وكالة الأنباء الأردنية كيف كان الخبر يمر في عدة مراحل من الرقابة والتحرير والتنقية ، قبل أن يُصار إلى بثه ، أما الآن فالأمر جد مختلف ، والشفافية لم تعد مطلبا بقدر ما هي واقع يحتاج إلى ترشيد وسوية عالية في التعامل معها،.
في ظل هذا الواقع تصبح أي ترتيبات لمراقبة الإعلام ، وضبط ما ينشر أو يذاع ، غاية في الصعوبة ، والأجدى هنا وضع آليات لمراقبة الأداء وتجويده في المؤسسات العامة والخاصة ، كي لا تقع "الفضيحة" المتوقعة ، بنشر السلبيات والتقصيرات والكوارث ، لأن المواطن الصحفي موجود في كل مكان ، وبإمكانه الآن رفع السماعة والبث مباشرة من حيث هو ، أو تصوير ما يرى بهاتفه الخلوي ونشره على الملأ،.
الخوف من النشر يجب أن ينتهي تماما ، كي ننصرف إلى منع وقع الإهمال أو التقصير ابتداء.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة حلمي الأسمر جريدة الدستور