خطا الاردن خطوات حقيقية وجريئة على صعيد الخصخصة وتوسيع حرية التجارة وحرية انتقال الأموال والعمل وكذلك حقوق التملك والاستثمار وغيرها.
بينما تباطأت ملفات أخرى كمكافحة الفساد وتقليص الانفاق الحكومي وضبط المديونية التي بلغت نسبتها الى الناتج المحلي الاجمالي حدها الأعلى الذي يسمح به التشريع.
في مواجهة هذا المسير السريع احيانا والبطيء في أحيان أخرى تبرز ملامح مختلفة وغريبة في نسق الإدارة الحكومية من وقت لآخر تجعل تصنيف الاردن خارجيا يتراجع؛ ومنها مواصلة سن قوانين مؤقتة في الوقت الذي تغيب فيه مبررات استسهال سن مثل تلك القوانين المؤقتة. منذ حل البرلمان أواخر العام الماضي وقبل مضي تسعة أشهر، أقرت الحكومة نحو 25 قانونا مؤقتا، بمعدل قانون مؤقت كل عشرة ايام وهو ما يعد افراطا في استخدام تلك الاداة في ظل غياب السلطة التشريعية صاحبة الولاية والحق في سن التشريعات ومراقبة السلطة التنفيذية واجهزتها المختلفة. ومما يجعل الحديث الآنف على درجة من الأهمية ان تصنيف الاردن خارجيا يتراجع في غير مؤشر وهو ما يؤثر مباشرة على سمعة البلاد الخارجية من جهة، وعلى حقوقها وفرصها الاقتصادية من جهة ثانية.
فالاتحاد الأوروبي يبدي قلقا من تفاقم الفقر، وصندوق النقد والبنك الدوليان يطالبان بخفض الانفاق الحكومي وتقليص حصة الحكومة من مجمل الاقتصاد، ومنظمة "فريدم هاوس" ترصد تراجع الاردن في مجال حقوق الانسان والحريات العامة والحريات الاقتصادية بما فيها من مؤشرات تشهد تقلبات على امتداد عام كامل.
ليس خافيا ان التوسع في سن القوانين في ظل غياب البرلمان يمهد لتراجع التصنيف، وليس بعيدا عن ذلك اجراءات تقوم من خلالها الحكومة باستخدام أداة المدونات في تنظيم العمل العام وربط الموظفين بالمؤسسات.
غير ان مساعي الحكومة تلك تصطدم بصدى خارجي يرصد كل هذا الحراك ويعتبره طبيعيا، ويرى في تقييده مساسا بحقوق العمال والموظفين وعموم الافراد في البلاد، وهو ما يؤثر على تصنيف الدولة في نهاية الامر.
النجاحات التي حققها الاردن في مجالات الاستثمار وتحرير الاقتصاد وفتح الباب امام المستثمر العربي والاجنبي وقبلهما المحلي ما تزال حلما بالنسبة لدول عربية كثيرة. لكن المأمول ان تتسارع خطوات مكافحة الفساد وضبط الانفاق الحكومي وتقليص عجز الموازنة والمديونية بشقيها الخارجي والداخلي، وأن تحرص الادارة الحكومية على ان تصب خطواتها مجتمعة في صالح خدمة الدولة والافراد والسمعة الخارجية.
بات في حكم المؤكد ان مؤشرات التصنيف الدولية لا سيما الاقتصادية تعد أداة رقابة على ما يحدث في معظم الدول.
فان كان التقدم والحرية سمة وملمحا واضحا، برق نجم التصنيف. وان كان العكس تضررت الدولة، ما يستوجب الالتفات دوما الى انعكاس القرارات الداخلية على الصورة الخارجية.
نعم، لقد قطع الاردن شوطا حقيقيا في التطور والتميز وبناء الكفاءات، وأصبح بلدا يشار اليه بالبنان بسبب ما تحقق على صعيد الحريات والتسامح الداخلي وبناء مؤسسات الدولة.
وليس من المعقول المساس بتلك السمعة من خلال مواصلة نسق في الإدارة الحكومية لا يراعي الصدى الخارجي على أهميته وأثره البالغ في الاقتصاد كما السياسة.
ولا ينفع في موازاة ذلك كله إنكار ما تقوله الجهات الخارجية على صعيد التقييم، فالاردن بلد صديق للغرب وليس عدوا حتى يستهدف.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

جريدة الغد   صحافة  حسن احمد الشوبكي