أصدرت مؤسسة "دادونغ"، وهي وكالة تصنيف ائتماني أنشأتها الحكومة الصينية لتقيّم أوضاع الشركات المحلية، أول تقرير لها تضمن تقييما لخمسين دولة.
ويبدو أن الصين وجدت أن تركها ميدان تقييم اقتصادها وشركاتها "لمؤسسات تصنيف ائتماني" أميركية لا يخدم مصالحها العليا، وقد تكون توصلت إلى أن أحكام تلك المؤسسات حولها ليس بالضرورة أن تكون موضوعية ولا غبار تأثيرات سياسية عليها.
فبعد سنتين على الأزمة، ها هي مؤسستها التصنيفية "دادونغ" تعلن أول بيان لها تقول فيه إن حجم عجز الموازنة الأميركية ودينها العام يضع الاقتصاد الأميركي في المرتبة الحادية عشرة بعد دول مثل أستراليا وسويسرا، ويجعله اقتصادا معرضا لمخاطر الإفلاس وأكثر خطورة من الاقتصاد الصيني.
يخضع ميدان "التصنيف الائتماني العالمي" منذ عقود لاحتكار مؤسسات أميركية، لم تجرؤ أوروبا واليابان خلالها على الاقتراب منه وتركته كما بقية العالم، لثلاث مؤسسات أميركية تقيّم اقتصاداتها وشركاتها وتصنفها تبعا لذلك، حيث ما تزال بيانات هذه المؤسسات الأميركية الثلاث تؤثر على طريقة نظرة أسواق المال العالمية للدول والشركات التي تتناولها هذه البيانات سلبا أو إيجابا.
لقد أثارت الأزمة الاقتصادية العالمية التي انفجرت أحداثها علانية في وجه العالم في صيف 2008 الكثير من الأسئلة حول عمل هذه المؤسسات الثلاث ومصداقية أحكامها التي تصدرها وطبيعة علاقات المصالح التي تربطها مع الأطراف التي تقيّم أوضاعها وكيف تتأثر أحكامها بهذه المصالح، ما أثار الشكوك حول أحكامها داخل أميركا وخارجها، وسمعنا مؤخرا تشكيكا خجولا من اليونان وإسبانيا والبرتغال بأحكامها التي أطلقتها هذه المؤسسات بحقها ورأت فيها وبتوقيت إعلانها إضعافا لجهودها في معالجة أوضاعها الاقتصادية.
فهل تعد مؤسسة "دادونغ" منافسة لمؤسسات التصنيف الأميركية "مووديز، ستاندرد آند بورز وفيتش"؟ وهل هي بداية تغيير هيكلي مالي عالمي؟ وهل تنجح في ذلك؟ وهل تستمر؟ وهل يتركها عالم الاحتكارات المالية العالمية تدخل هذا الميدان؟ وكيف تكون ردود فعل أسواق المال العالمية؟ خصوصا إذا اختلفت تقييمات المؤسسة الصينية عن تقييمات المؤسسات الأميركية؟.
لقد فتحت الصين باب التغيير الهيكلي على أحد مكونات أسواق المال العالمية المترسخة منذ عقود، في تغيرات تحتاج لكثير من التحليل، بينما تزاحم الصين عمالقة التجارة والمال والصناعة العالمية، بمعدلات نمو وفوائض تجارية واحتياطات عملات صعبة وتعاملات مع أسواق المال العالمية قياسية بكل المعايير، وكيف تمكنت "هونغ كونغ" من إدخال مبادئ اقتصادية جديدة إلى الصين، ما يجعلنا نتفهم الآن دموع "كريس باتن"، آخر حاكم بريطاني للجزيرة عند مغادرته عائدا إلى بلاده.
لقد غيرت اليابان مؤخرا من تعليمات دخول المواطن الصيني لأراضيها لتسهّل اجتذاب السياحة الصينية ذات الدخول المرتفعة الباحثة عن أسواق تشبع نهمها، وغيّر العالم تشكيل مجموعته الاقتصادية الأولى ووسعها من سبع أو ثمان إلى عشرين، والحديث عن ضرورة إصلاح صندوق النقد والبنك الدوليين والحاجة لعملات احتياطية أخرى إلى جانب الدولار، وأمور أخرى كثيرة لم يتوقف.
يحتاج صانع القرار الأردني لرسم استراتيجية تتعامل مع الصين كصديق قديم وداعم سياسي ومحرك لنمو الاقتصاد العالمي ومصدر استثمارات عالمية تبحث عن فرص، ويحتاج رصدا حقيقيا للتغيرات لنتمكن من مواكبتها ونبقى آمنين.
المراجع
sahafi
التصانيف
صحافة زيان زوانه جريدة الغد