تقوم مؤسساتنا الاقتصادية الرقابية بدورها، من دون استشعار لما يمر به الاقتصاد الأردني وشركاتنا المساهمة العامة المدرجة في بورصة عمان.
وبنظرة فاحصة، نرى كيف يمكن لسكوت هذه المؤسسات وتأخر قراراتها، أن يسهما في صنع الأزمات المتوقعة المقبلة.
وزارة المالية تريد أن تعين مدققا خارجيا للمؤسسات الحكومية المستقلة، في خطوة تضيف حلقة رقابية جديدة تختبئ الوزارة وراءها، وتضعف دور دائرة الموازنة العامة ودائرة الرقابة والتفتيش في الوزارة، ناهيك عن دور ديوان المحاسبة.
وكما عجزت الحكومات عن لجمها وعلاج تضخم ميزانياتها ومساهمتها بعجز الموازنة وزيادة إنفاقها وتنازعها الصلاحيات، تدخل الجهد الرقابي الرسمي في تيه جديد.
والبنك المركزي تأخر بتخفيض نسبة الاحتياطي النقدي الإلزامي ونسبة الفائدة على نافذته الإيداعية وأضاع فرصا ثمينة عندما أصبح مستوى التضخم سالبا، وتبني سياسة تلبي حاجة الاقتصاد للسيولة، ما حول ذلك إلى عصي محلية أعاقت دواليب الاقتصاد وأسهمت في إبطاء نموه ورفع الكلف على المقترضين الأردنيين وعلى رأسهم الحكومة الأردنية، وما يزال البنك يقاوم مطالبته بتخفيض هامش الفرق بين الفائدة التي يدفعها المقترض والتي يقبضها المودع والتي تتراوح في المتوسط بين 6 و8 % لصالح البنوك.
ويستمر سكوت البنك على الفائدة المرتفعة على الدينار بينما مثيلتها على العملات الرئيسية العالمية لا تتجاوز 1 %، ما أسهم بجذب أموال ساخنة للجهاز المصرفي الأردني، جاءت لتستفيد من سعر الفائدة المرتفع على الدينار في ظل عدم وجود القيود من أي نوع، ما رفد احتياطاته من العملات الصعبة، أعطاها هدية للحكومات لتحولها لمعزوفة اقتصادية جعلتها لا ترى المؤشرات الاقتصادية السلبية الأخرى التي يمكن أن تسلبها هذه المعزوفة.
ونعيش، منذ أعلنت دائرة الإحصاءات العامة معدل التضخم، مشكلة محلية تتمثل بمدى صحة هذا الرقم، غافلين أن هذا الرقم يمثل مؤشرا أساسيا لرسم السياسات النقدية والمالية وسعر الإقراض والإيداع ومستوى الرواتب والزيادات واستقرار سوق العمل والمستثمرين الخارجيين والمؤسسات الدولية وغيرهم.
ونتيجة الوضع الاقتصادي، تراجعت بورصة عمان وذابت نصف الثروات المستثمرة فيها وشحّت السيولة تبعا لذلك، وتعثرت أعمال الشركات وانكشف بعض مستورها وبدأنا نقرأ تحفظات لافتة على ميزانيات العديد من الشركات المساهمة العامة وخسائر بعضها بعشرات الملايين من الدنانير وخضوعها لمديونيات تعجز عن سدادها الآن وغدا، من دون أن تتخذ المؤسسة الرقابية الرسمية أي إجراء حتى الآن، بينما المسؤولية تائهة بين مراقب الشركات المستقيل وهيئة الأوراق المالية.
كذلك تم ترخيص بعض الشركات المساهمة العامة المدرجة في بورصة عمان لتمارس الإقراض، في مخالفة واضحة لقانوني البنك المركزي والبنوك اللذين يقصرانه فقط على البنوك، ما يمهد لإيداع أموال المواطنين لديها ورهن أصولهم لصالحها، والحكاية في بدايتها تنتظر علاجا قبل أن تنفجر.
لا ندعو لأكثر من تنظيم مؤسساتنا الرقابية وقيامها بما عهد إليها من مسؤوليات، فسكوتها سيجر المؤسسات الاقتصادية والشركات ومدخرات المواطنين إلى حافة الهاوية عندما ترتفع كلف العلاج، وتجربة شركات احتيال البورصات وتعثر الشركات العقارية ما يزالان ماثلين أمامنا وخلفنا، ولم نسمع كلمة لوم لمؤسسة رقابية رسمية واحدة.

المراجع

alghad

التصانيف

صحافة  زيان زوانه   جريدة الغد