كالمعتاد في الأعياد، تناول الأردنيون في جلساتهم ما يشغل بالهم، بدافع السمر أو بدافع النقاش الجاد، وكان للانتخابات البرلمانية حضورها الأوفر في أحاديثهم، بقانونها ونتائجها ورئاسة المجلس النيابي الجديد.
لكن الحوار تحوّل فجأة عندما تكلم أحد الحضور عن تقرير عن طاقة إنتاج الكهرباء في بريطانيا من مزارع الرياح البحرية والتي تجاوزت الطاقة الإنتاجية لباقي دول العالم، نتيجة استثمار وتخطيط بريطانيا لها بعد أن كثف المعارضون جهودهم ضد مزارع الرياح البرية الأرخص كلفة، ما مكنها من الحصول على 9 % من احتياجاتها من الكهرباء من مصادر طاقة متجددة.
وتحّول الحديث إلى تأخر الموسم المطري الذي يصاحبه هذه السنة تأخر في موسم البرد، ما أثار قلق المواطنين المسكونين بأمثال شعبية تؤرخ لسقوط المطر وقدوم البرد وتحدّد مواعيدها، كموروث شعبي زراعي ورعوي.
لكن بعض الحضور تساءلوا إلى متى سيبقى الأردني يعاني من مشكلة عدم توفر المياه، بعد نهضة شاملة شهدها أبرزت حاجته لمصادر مياه موثوقة يعتمد عليها في بقائه واستمرار مسيرته، واستحالة التوقف عند مقولة أن "الأردن من أفقر بلدان العالم بمصادر المياه"، والاكتفاء بعقد مؤتمرات المياه في الأردن والتي لا تسقي زرعا ولا تردّ لهفة قرية عطشى، بينما نحن محاطون بثروات مائية وفيرة، في منطقة يكتنفها عدم الاستقرار ويجعل من مشاريع المياه العابرة للحدود أفكارا مثيرة لمخاطر لا تنتهي.
ويشتد الحوار، عندما يذكر أحدهم ، أن اعتماد الأردن على الموسم المطري بمستواه التاريخي شبه المعروف أمر لم يعد ممكنا لبلد قارب عدد سكانه الستة ملايين نسمة ، ويدخله ما يزيد على ثلاثة ملايين سائح سنويا، ويعمل لرفعها إلى ضعف ذلك، ويعتمد في دخله القومي على جزء من صادراته الصناعية والزراعية، والماء مدخل أساسي لهما.
وتستمر حوارات الأردنيين، ليقول أحدهم أن عمدة مدينة في شمال فانكوفر في كندا قرر أن يبدأ حملة لتغيير عادات السكان في مدينته بحيث يوجههم لزراعة الخضار مثل الكوسا والبندورة وغيرها في حدائق منازلهم بدلا من زراعة النجيل الأخضر الجميل الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، حسب قوله، ويحتاج الكثير من الماء، وبدأ يعد خطة لتسعير المياه وفق آلية ترفعها على من يزرع النجيل وتخفّضها على من يزرع الخضار.
وانتهت المعايدة بتساؤلات حول ندرة سدود تجميع المطر قليلة الكلف، وأين وصلت مشاريع طاقة الرياح في الأردن؟ في الكمشة وغيرها؟ وأين وصلت مشاريع الطاقة الشمسية في الصحراء الأردنية؟ ولماذا لا نخطط لتحلية مياه البحر بعد أن تراجعت ندرة تقنيتها؟ ولماذا نتأخر في التنفيذ إلى أن تتضاعف الكلف فلا نعود قادرين عليها؟ وهل لنا عبرة في توسعة المصفاة وجرّ مياه الديسي؟ وهل هناك بلد يعوزه الماء والطاقة ولا يصبح تحت رحمة الآخرين؟ وهل لهذه الأفكار أولوية في ذهن المسؤول الحكومي؟
أسئلة أردنيين بسطاء، يحتفلون بالعيد في الأردن، لم يألفوا وفرة غذاء " البوفيهات" السياحية، ويتلذذوا بهزّ فناجين قهوتهم ويأكلوا معمولهم ويعشقوا بلدهم و"جوّهم" هذا لأنه يخفف حاجتهم للماء والكاز، ليختموا معايدتهم ببطاقة تهنئة بهذه العناوين إلى مجلس نوابهم الجديد.
المراجع
alghad
التصانيف
صحافة زيان زوانه جريدة الغد