من المفترض أن يكون اتفاق وقف إطلاق النار - الذي وقّعه الرئيس السوداني عمر حسن البشير مع المتمردين في دارفور يوم الثلاثاء - دخل حيز التنفيذ منتصف ليل الثلاثاء - الأربعاء.

خطوة أخرى في الاتجاه الصحيح ، أنجزها الرئيس الذي تحدى خزعبلات محكمة أوكامبو (الجنايات الدولية) الاتفاق وقع مع زعيم حركة العدل والمساواة خليل إبراهيم ، حضره أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني والرئيسان التشادي إدريس ديبي اتنو والاريتري اسياس افورقي ، ومغزى هذا الحضور بالغ الأهمية ، فالحرب المدعاة في دارفور هي حرب بالوكالة ، ومجرد حضور رئيس تشاد وأريتريا يغلق بابا من ابواب إمداد التمرد بسبل الحياة ، إلى ذلك ، تأتي أهمية هذا الاتفاق من كونه أيضا "خطوة نحو الحل السلمي ، حيث ستتلوه مفاوضات سلام بين الطرفين.

الحرب في دارفور أصلا حرب مفتعلة ، وكل ما قيل عن ارتكاب الجيش السوداني جرائم حرب في دارفور كان مجرد افتراء وكذب ولفلفة مثيرة للتقزز ، والقصة من بدايتها إلى النهاية استهداف مباشر للسودان ، لأنه دولة قامت على فكرة أنتجتها حركة إسلامية راشدة ، دولة لم تمتثل لاشتراطات "الخرفنة" و"الحمرنة" الأممية ، دولة هي بمقاييس الخيرات والمساحة والامكانات دولة عظمى ، يجب أن تُنهك وتُذبح ، وتبقى لاهثة بين تمرد هنا وحرب أهلية هناك ، كي لا يقوم للإسلام شأن في أفريقيا ، وكي تبقى القارة نهبا وسلبا لفرنسا وأمريكا ، ومن أسف أن كل من اراد منصبا في السودان حمل السلاح ، وهدد بالثورة و"تحرير" السودان ، وقد قيل لي - حينما زرت دارفور قبل أشهر - من مصادر عليمة ووثيقة الصلة بالرئيس السوداني ، أن زعيم حركة العدل والمساواة الدارفورية ، المعروف باسم خليل ، طلب منصب نائب الرئيس وقد كان حينها مستشارا لديه ، فقيل له أن من حقه أن يكون رئيسا للجمهورية ، لا نائبا له ، ولكن عبر الانتخابات الرئاسية الوشيكة ، طبعا لم يعجبه الكلام ، لأنه يعرف أنه لا يمكن أن يصبح رئيسا بالانتخاب ، فحمل السلاح ضد الحكومة ، وتوقيع اتفاق سلام معه يعني أن الرجل يئس من حمل السلاح وقرر العودة إلى عقله،.

من اطرف ما سمعت في السودان ، ومن اهالي درافور خاصة ، خلال زيارتي الأخيرة للاقليم ، ان المرأة الدارفورية التي كنت أسالها: هل اغتصبت؟ كانت تقول لي: نعم ، اغتصبت ، وحينما كنت أسألها: كيف تم هذا؟ كانت تقول ، أنها كانت وهي عائدة إلى بيتها ، تحمل بعض السلع التي اشترتها ، كان بعض الأشقياء "يغتصبون" هذه السلع ، ويهربون بها، وحين كنت أسأل: هل هذا هو "الاغتصاب" كانت تقول: نعم ، وحينما كنت أشرح لها مفهوم اغتصاب المرأة من قبل رجل ، كان لونها يمتقع ، وكانت تنتفض غضبا قائلة ، أن أحدا لا يجرؤ على فعل هذا ، وإن فعل ، فستقتله فورا ، هي وأهلها،

وهذه الواقعة تختصر قصة دارفور والحرب في دارفور،.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  حلمي الأسمر   جريدة الدستور