قال شهود عيان أنهم شاهدوا شابا كان يقف خارج مدرسة للبنات في المرحلة الاعدادية والثانوية في منطقة القويسمة ويوزع عليهن منشورا فيه اعلان عن حفل دي جي في ديسكو يستقبل فتيات وشبانا من الساعة الرابعة الى الحادية عشرة ليلا ورسوم الدخول عشرة دنانير وكل اربع فتيات الدخول مجانا مع امكانية تقديم (الدرنك) أي شرب الكحول مجانا،،.
هذا خبر صغير احتل ركنا هامشيا في صحيفة محلية ، طبعا حينما تقرأ الخبر من الممكن أن يغلي الدم في عروقك ، وربما ترغي وتزبد وتثور ، لكن بعد أن تهدأ تبدأ بعملية سَلسَلة لأفكارك: أبواب الشر والانفلات في بلادنا كلها مشرعة ومرخصة وفي متناول اليد أمام الشباب والشابات من الأبناء والبنات ، فلو أغلقت التلفاز مثلا تأتيك الشرور من الهاتف الخلوي ، ولو أغلقت الإثنين لانفتحت أبواب الانترنت ، ولو تم لك اغلاق النوافذ الثلاث فأين تذهب من وسوسات الصديقات والزميلات؟ ولو سيطرت سيطرة تامة على ما تقدم ، فماذا تفعل بالشارع وما ينتشر فيه من معاص وعّري وإغراءات وأشقياء؟. بالمناسبة ، زميل لي شاهدني وأنا أكتب المقال روى لي الحادثة التالية - على سيرة الشارع - قال لي أن ابنته وهي في طريقها إلى البيت بعد أن أنهت يومها الدراسي في كليتها استوقفتها سيارة يركبها شاب وفتاة وعرضا عليها "توصيلة" إلى بيتها ، دون سابق معرفة ، وأصرا عليها أن "يخدماها" قائلين أن عليها أن تطمئن لسلامة نواياهما لأن ثمة فتاة في السيارة ، طبعا البنت التي تربت تربية معينة رفضت الصعود إلى السيارة وفضلت أن تعود إلى بيتها بلا "مغامرات" غير محسوبة ، خاصة وأنه يُشتم من الحادثة أن هناك كمينا ما للإيقاع بالفتاة وجرها إلى ارتكاب ما لا يحمد عقباه،.
نحن في زمن الفتن فيه كقطع الليل المظلم ، ولا تنفع فيه أساليب الحماية الإغلاقية إن جاز التعبير ، فأنت لا تستطيع أن تغلق الهواء والبث والتسلل المعلوماتي عبر نوافذ انفجار معرفي لا حدود له ، إنما تستطيع أن تبني دفاعات ذاتية تعين على مواجهة الخطر الداهم ، بوسعنا أن نركز على تمتين مصادر وجداول التزويد الأخلاقي المناعي وإنعاشها بحيث يستطيع الشاب أو الشابة التمييز بين ما هو مُهلك وبين ما هو مُنجي ، كي نترك المجال لهم لاتخاذ القرار الذاتي النابع من داخلهم ، وفي الأثناء نحاول تجفيف منابع الشرور ما استطعنا إلى ذلك سبيلا ، خاصة وإن الظروف التي تحيط بنا ترتقي إلى حد أننا نستطيع أن نزعم أن هناك ديسكو لكل مواطن عربي ، سواء بالمعنى الحرفي أو المجازي ، سواء وصل الأولاد الأشقياء إلى مدارس البنات لإغوائهن بالسهر والإنفلات ، أم أرسلو الدعوات عبر الفيسبوك أو الإيميل أو رسالة الخلوي أو حتى عبر شاشات تلفزيونية تغري بالتعارف وإنشاء الصداقات عبر الهاتف أو الإنترنت ، وهي قنوات مرخصة وتبث ليل نهار من قمر عربي متاح لكل من يمسك بالريموت كنترول،.
الشرور تحيط بنا من كل جانب ، ومن يخرج من هذا المعمان سليما معافى يستحق فعلا سلعة الله الغالية: الجنة عن جدارة واستحقاق ، اللهم اجعلنا من الفائزين بهذه السلعة.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة حلمي الأسمر جريدة الدستور