الأرقام التي كشفتها دراسة حديثة لجمعية العفاف في الأردن تثير الذعر ، وتنذر بشر مستطير يمكن أن يصيب المجتمع ، إن لم يكن اصابه فعلا ، ففضلا عن ارتفاع أعداد العازفين عن الزواج من الذكور ، هناك ارتفاع بنسبة العنوسة بين الفتيات اللاتي لم يسبق لهن الزواج.

الدراسة تقول أن قطار العنوسة يُقل نحو مئة الف فتاة تخطت أعمارهن الثلاثين عاما.

أما أرقام دائرة الاحصاءات العامة عن عام 2008 فتشير إلى أن نسبة العنوسة فـي الاردن بين الفتيات تسير الى ارتفاع ، حيث تبلغ لمن لم يسبق لهن الزواج ممن هن بسن 35 فما فوق 7,8%.

ويعزو البعض إلى من يسمونهم (خبراء وعازفين عن الزواج) نسبة العنوسة المرتفعة الى المغالات في المهور وارتفاع تكاليف الزواج ، قد يكون هذا صحيحا في جانب من المشكلة ، أما أنا فلدي رأي آخر ، يتعلق بنشوء ظاهرة جديدة في المجتمع تتعلق بما يمكن تسميته "تصدع مؤسسة الأسرة" والإحساس بعدم جدوى الزواج ، في ظل وفرة سبل قضاء الحاجات الأساسية البيولوجية للشباب ، ، دون اللجوء إلى إنشاء مؤسسة مكلفة ماديا ونفسيا،

ربما يكون لارتفاع تكاليف إقامة أسرة دورا رئيسا في ازدياد ظاهرة العنوسة وتأخر سن الزواج ، لكن إغفال ما نذهب إليه قد يحرف النظر عن تغيرات شديدة الخطورة بدأت تغزو مجتمع المدينة الكبيرة ، الذي بدأ يتشكل في بلادنا ، مع ما يصاحب هذه الظاهرة من رخاوة في النظام الاجتماعي الذي كان محافظا ، إضافة إلى ما سببه "الانفتاح" على الآخر من دخول مفاهيم جديدة على الحياة الاجتماعية ، فضلا عن انتشار بيوتات المتعة الجسدية ما ظهر منها وما بطن ، وهي أماكن توفر ملتقى للجنسين لإنشاء علاقات مؤقتة ، تشبع حاجات الجسد ، وتُبعد الشاب والفتاة عن الالتزام الأسري ، أو تؤجله إلى ابعد مدى ممكن ، وكل هذا يسهم في تمدد ظاهرة تأخر سن الزواج.

لوقت مضى ، كنا نقول أن مجتمعنا محافظ ، وهذا كان قبل عقود ، لكننا الآن نشهد نزوعا متسارعا نحو التحلل من كثير من مظاهر "المحافظة" على التقاليد والعادات الصارمة ، وبتنا نتسامح أكثر مع نشوء بيوت المتعة ، شعبيا ورسميا ، وهي تشكل خط إنتاج موازيا ، للحاجة الطبيعية لإنشاء أسر جديدة ، وقد تجرأ عدد من الصحفيين منذ زمن فخاضوا غمار تحقيقات صحفية استقصائية كشفت عن وجود بؤر وأماكن كثيرة ، تسوق وتسوغ إنشاء علاقات عابرة خارج مؤسسة الزواج بين الجنسين.

لم نعد مجتمعا شرقيا محافظا ، ولن نصبح مجتمعا غربيا غير محافظ طبعا ، لا أدري وليس مهما ، فمن وماذا نكون؟


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  حلمي الأسمر   جريدة الدستور