كي لا أظلم مديرة مصح النور الخيري للإمراض الصدرية ، أريد أن أنقل بالحرف ما صرحت به ، حول ما يشاع من منعهم للمرضى من أداء الصلاة ، السؤال كان على النحو التالي: هناك اقوال مفادها أنكم تمنعون مرضى المسلمين النزلاء في المستشفى من أداء الصلاة ؟ فكان الجواب: مرضى الصدر بحاجة إلى راحة وصلاة المسلمين تسبب الإرهاق (لم تقرأ طبعا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: أرحنا بها يا بلال،) فمن أجل ذلك نمنعهم من الصلاة(هكذا صراحة،) ونحن نعلم أن علاج مرضى الصدرية هو الراحة في السرير (ولا تعلم أو لا تريد أن تعلم أن بوسع المسلم أن يصلي حتى ولو بالإيماء،) لذلك لا نسمح لكل نزيل في المستشفى بأن يصلي صلاته ذات الركوع والسجود لأن ذلك يؤثر على صحته فالركعات والطقوس الدينية من أجل صحة المريض ممنوعة عندنا في المستشفى،،.

وكان السؤال الثاني: فيما لو قرر الأطباء بأن مريضا لا تؤثر عليه الصلاة هل تسمحون له بالصلاة؟ وجاء الجواب: نحن لا يوجد عندنا مرضى نزلاء سوى المصابين بأمراض الصدرية الذين تسبب لهم الصلاة إجهادا وإرهاقا فلدينا علم مسبق بأن كل من يدخل المستشفى هم من الذين يعجزون عن أداء الصلاة فمن أجل ذلك يتم المنع. ولم يسبق لإدارة المستشفى أن سمحت لأي مريض بهذا المرض بأن يصلي وذلك حفاظا عليه ومن باب النصيحة للمريض لكن فيما لو أصر مريض على أن يصلي لا نعاقبه،،.

تعمدت عن قصد أن أنقل بالضبط ما قالته ، مديرة مستشفى النور في المفرق ، الذي زرته في عام مضى ، ورأيت بنفسي مدى الإجراءات الأمنية التي تحيط به ، كي تمنع "المتطفلين" من أمثالي من الدخول ومعرفة ما يجري فيه ، رغم أن ما أفادني المرضى حينها رسخ في ذهني ما قيل ، وها جاءت تصريحات مديرة المستشفى لتؤكد صراحة صدق ما قيل.

في المشهد أعلاه جملة من النقاط يحسن مناقشتها بهدوء تام ، أولا لا تخفي الدكتورة في تصريحاتها التي نشرها موقع البوصلة ، هدف المستشفى التبشيري ، حيث قالت أن المستشفى يهدف أولا إلى معالجة مرضى الصدرية ومن ثم يقوم بواجبه التبشيري كهدف ثان ، والتبشير ممنوع في الأردن بنص القانون،.

ثانيا ، ليس لأحد كائنا من كان أن يمنع مسلما من الصلاة ، التي لا تسقط عن المكلف حتى ولو كان على فراش الموت ، فكيف لها أن "تفتي" بمنع المسلمين من الصلاة حفاظا على صحتهم ، وكل منهم أدرى بما يستطيعه ، وبقدره جسده على التحمل؟ ناهيك عن أن بوسع أي مريض أن يصلي نائما أو جالسا ، دون ركوع أو سجود ، والخطورة هنا أن يُمنع الأمي المسلم من تأدية عبادته حفاظا على صحته ، دون أن يُوضح له أن بوسعه أن يُصلي ولو إيماء بعينيه ، أو بيديه،.

ثالثا ، نشعر بالامتنان لمن يترك بلده البعيد كي يأتي إلى بلادنا ليخفف عن مرضانا الفقراء والمحتاجين آلامهم ، بغض النظر عن دينه مسلما كان أم مسيحيا ، فنحن لا نحمل تجاه معتنقي الدين المسيحي أي مشاعر عدائية ، فهم شركاؤنا في الإنسانية والدين السماوي ، وبيننا وبينهم في الشرق أخوة التاريخ والهوية الثقافية والحضارية ، ونتقاسم معهم الأوطان والمصائر ، أما استثمار فقر الناس وحاجتهم للتأثير على معتقداتهم ، أو تلويث إيمانهم ، أو التغرير بهم لارتكاب معصية ترك الصلاة ، فهذا مما لا يرضاه مسلم أو مسيحي حر ، يؤمن بحق كل إنسان في أن يتمتع بإيمانه بالله ، دون تأثير أو احتيال،.

نرى أن مستشفى النور بحاجة لمرشد أو فقيه مسلم عارف بدينه ، كي يُعرف المسلمين من نزلائه بكيفية ممارسة شعائرهم الدينية ، دون أن يتعارض هذا مع صحتهم وفرصهم في الشفاء ، وأهل مكة أدرى بشعابها ، أما أن تفتي الدكتورة مديرة المستشفى بما ينفع ويضر المسلم فهذا مما لا يستقيم مع عقل أو دين أو منطق،.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  حلمي الأسمر   جريدة الدستور