سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة ومؤسسة الموانئ الأردنية والسلطة البحرية الأردنية وشركة ميناء العقبة للخدمات (ومؤسسات أخرى غيرها)، لم تمنع السفينة "السور" من اختراق الأمن الأردني بمفهومه الشامل، وإظهار الأردن كدولة ينخرها التخلف والفساد بأوضح الصور، وشطب صورتها كدولة مؤسسات وقانون مضى على تأسيسها وتطويرها أكثر من ثمانين عاما.
ويستمر مسلسل إرجاع الأردن الدولة إلى خانة التخلف، فيتوجه بعض الأفراد للاعتداء على صحيفة يومية كصحيفة "الغد" بسبب تغطيتها خبر هروب السفينة حاملة السموم، ويتم الاعتداء على موزعيها ويتلقى مسؤولوها التهديدات، تكرارا لحوادث سابقة عندما تم الاعتداء على مكاتب وكالة الأنباء الفرنسية في عمان بينما قائد البلاد يزور فرنسا، وإنزال قوات أمنية إلى البنك المركزي الأردني لمنع محافظه ونائبه من دخول مكتبيهما بينما قائد البلاد يحضر في أميركا اجتماعات الجمعية العمومية للمؤسسة الدولية ومؤسساتها المالية في واشنطن، والذي يحضرها جميع محافظي البنوك المركزية في العالم.
هذا بينما سمحت الحكومة السابقة لنفسها أن تجتمع وتصدر قرارات استراتيجية بقضايا خلافية شديدة الأهمية وتعين وتنهي عقود مديري مؤسسات في نفس يوم تكليف رئيس وزراء جديد بتشكيل حكومة جديدة، وذلك بعد مسلسل الهروب من "شاهين" إلى "السور".
ومنذ سنوات، تفاجأ الأردن بمسلسل شركات نصب البورصات، وسمعنا عنها العجب سواء عن عدد الشركات المسجلة رسميا للنصب والاحتيال أو عن فتح القنوات الإعلامية الرسمية للترويج لها أو عن حجم الأموال التي جمعتها من المواطنين الجشعين الجهلة، حيث تاهت المسؤولية بين المؤسسات الرقابية الرسمية من مراقب الشركات إلى البنك المركزي إلى هيئة الأوراق المالية، واستمر العجب ليلحق أسلوب الإدارة العامة الحكومية في علاجها للمشكلة التي تمخضت عن تأسيس مجلس خاص لتنظيم عمل الشركات بالبورصات العالمية الذي استمر عدة سنوات دون أن يخط سطرا واحدا في عمله، واستمرت حالة التيه بالمواطنين المنكوبين وبأموالهم حتى الآن، دون أن نسمع خبرا أو تقريرا يضع المشكلة في إطارها العلمي والواقعي الذي يحدد نقاط الاختراق التي دخل منها نصابو الشركات، ليعطي كافة الأطراف الحكومية والأهلية نموذجا عمليا للدروس المستفادة ليتم غلق الثغرات.
ويستمر التردي عندما نسمع أن شركات مساهمة عامة تم نهبها لصالح قلة من إداراتها بينما الجهات الرقابية تعمل بالمثل القائل "أذن من طين وأذن من عجين".
لم يخسرالأردن قرشا واحدا بهروب السفينة، لكنه خسر من هيبته وسمعته وثقة مواطنيه بمؤسساتهم وبالقائمين على إدارتها عندما ظهر الأردن بمظلّة مؤسسية كثيرة الثقوب الواسعة.
فأي مؤسسات هذه التي نفرخها، وأي كفاءات نوليهم عليها وأي تطوير للقطاع العام هذا الذي نمضغه صباح مساء، وأية فوضى هذه التي تعيشها الإدارة العامة الحكومية؟ وأي دموع تريدوننا أن نذرف على الإدارة العامة الحكومية الأردنية أيام زمان؟ من يجيب؟!
المراجع
ammanxchange
التصانيف
صحافة زيان زوانه جريدة الغد