قرارات الحكومة بتعيين مسؤولين جدد للبنك المركزي الأردني وهيئة الأوراق المالية وأمانة عمان، تمثل أهم القرارات المؤسسية التي اتخذتها الحكومات الأربع السابقة وأكثرها موضوعية وأمسها حاجة بعد أن همشتها وأضعفتها واعتدت على حرمتها.
أوضحت الأزمة الاقتصادية العالمية أن الدول مدينة بأكثر من اللازم، ما هدد استقرارها ومستوى حياة شعوبها وأضعف استقلاليتها وأثار خلافات حول كيفية الخروج منها، وفي الوقت نفسه حققت إجماعا على دور البنوك المركزية في رسم استراتيجيات المواجهة، بعد أن أبعدها البنك وصندوق النقد الدوليان عن دورها التنموي وحصراه في خانة ضبط التضخم واستقرار سعر العملة المحلية.
لم يكن البنك المركزي الأردني بعيدا عن هذا، ما يعطيه الآن دورا فاعلا افتقده خلال السنوات الماضية، ويؤمل أن يستعيده بقيادته الجديدة لتحريك الاقتصاد والمساهمة بإخراجه من حالته الراهنة إلى النمو والعدالة، بالتنسيق مع وزارة المالية التي تئن تحت عصي عجز الموازنة والمديونية وخدمتها وارتفاع كلف الاقتراض الداخلي وتراجع التصنيف الائتماني والهيكل المؤسسي المشوه المطلوب إعادة تنظيمه.
ووضعت الأزمة العالمية هيئات الأوراق المالية الرقابية بتسمياتها المختلفة تحت الأضواء؛ حيث اتفق على أنها تتحمل جزءا كبيرا من مسؤولية الأزمة بسبب ترهلها وسكوتها وتساهلها وضعف رقابتها، ما أجبر الدول على إصلاحها بما في ذلك تغيير مسؤوليها.
وهيئة الأوراق المالية الأردنية لم تكن أيضا بعيدة عن هذا؛ حيث تعرض سوق المال الأردني لضربات سببت تراجع نشاطه بكل المعايير، وبرزت منذ سنوات مؤشرات ضعف رقابة الهيئة وظهرت شركات مدرجة في بورصة عمان نهبتها إداراتها التي ضربت عرض الحائط بكل مبادئ الحوكمة تحت سمع الهيئة، ما أضعف الثقة بسوق المال الأردني، حتى جاء القرار الأخير بتعيين رئيس جديد، نتوسم فيه استعادة الثقة بالسوق ومؤسساته وجذب الأموال إليه، وتنظيمها ورقابتها بشفافية.
أما أمانة عمان الكبرى التي تقدم الخدمات لأكثر من مليوني أردني، وحيث تتزايد ملفاتها رهن التحقيق، فإن تعيين رئيس لجنة جديد لإدارتها أفضل كثيرا من وضعها الذي كانت تعيشه، بين حبس أمينها السابق والحجز على أمواله وأموال نائبه، وترك مسألة "أمينها" عائمة بين التعيين والانتخاب وبدون تحديد فترة زمنية لأيهما، ما فاقم أزمتها.
قرارات الحكومة أخرجت المؤسسات الثلاث من دائرة "الأزمة" إلى دائرة الإنجاز، ما يجعلنا نشعر ببعض التفاؤل مذكرين بأهمية التنسيق بين البنك المركزي ووزارة المالية وهيئة الأوراق المالية ومراقب الشركات، الذي لم يتغير بعد، لنرَ استراتيجيات تنموية على أرض الواقع، وشركات مساهمة تعمل وفقا لمبادئ الحوكمة بميزانيات مهنية موضوعية متزنة تطمئن المستثمر الصغير والكبير، وتتقي ظهور شركات نصب واحتيال وبورصات بعناوين جديدة.
المراجع
ammanxchange
التصانيف
صحافة زيان زوانه جريدة الغد