أجد نفسي مؤيدا بقوة لمنظمة هيومن رايتس ووتش للدفاع عن حقوق الانسان ، في دعوتها دول المنطقة العربية الى التخلي عن نظام كفالة العمال الأجانب الذي قالت انه يساعد في تفشي الاتجار بالبشر ، وهو في حقيقته نوع من الإتجار بالبشر فعلا وبكل تفصيلاته ، والمطلع على ما يعانيه العمال الأجانب والعرب في بلادنا ، يعرف أن هناك استغلالا بشعا لحاجة هؤلاء للعمل ، للنصب عليهم وأكل حقوقهم ومعاملتهم كالحيوانات ، والسبب هو نظام الكفالة ، الذي يقترب كثيرا من نظام الرق والعبودية المنقرض،.
المنظمة قالت في بيان حديث لها إنه "يتعين على حكومات دول الشرق الاوسط اعادة النظر في نظامها الحالي لكفالة العمال (من قبل مواطنين لحصولهم على اذن اقامة وعمل) من أجل النجاح في جهودها للقضاء على العمل القسري والاتجار بالبشر" ذلك أن رب العمل عندما يمتلك سيطرة شبه مطلقة على حرية العمال في تغيير وظيفتهم وأحيانا على حريتهم في مغادرة البلاد ، فان العمال يمكن ان يصبحوا في وضعية استغلال اذ يجبرون على العمل دون راتب ويتعرضون للضرب ولأشكال اخرى من الانتهاكات ، والشكاوى طويلة ومريرة ، وقد اطلعت على بعضها شخصيا ، ورأيت كيف يعمل هؤلاء تحت ظروف بالغة القسوة ، وغالبا ما يتم الاعتداء على كرامتهم وحقوقهم ، وقد يتعرضون إلى ما هو أكثر من ذلك ، خاصة إذا كن من الخادمات ، من ضرب وتحرش جنسي وربما اغتصاب ، حيث يعامل بعض الرجال خادماتهم بوصفها "أمة" مسترقة منذورة لخدمته وتلبية حاجاته الجسدية وشهواته المريضة ، وكثير من قصص الاستغلال لا يدري بها أحد ، حفاظا على لقمة العيش من قبل العامل أو العاملة،
وتأخذ أساليب الاستغلال أشكالا أخرى أكثر قسوة خاصة في بعض دول الخليج ، حيث يتحول المشهد إلى صورة كاملة من الإتجار بالرقيق ، وبيع الكفالات ، وفرض أتاوات على المستفيدين منها ، وفي حالات معينة رأينا مثل هذه الأشكال من الاستغلال في الأردن أيضا،
نظام الكفيل نوع من عبودية القرن الواحد والعشرين ، وهو مناف لحقوق البشر ، ومهين لكرامتهم ، وبوسع المشرع وضع ألف بديل للسيطرة على سوق العمل ، غير هذا الأسلوب الماس بالكرامة الإنسانية ، كما فعلت بعض دول الخليج حين ألغت نظام الكفيل ، وبدأت باعتماد أسلوب عقود العمل والإقامة المستوفية للشروط القانونية.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة حلمي الأسمر جريدة الدستور