يا أُمّ دَفرٍ! إنّما أُكرِمتِ عَنْ أمَهٍ، وحَقُّكِ أن يُقالَ دَفارِ
وإذا التَثَمْتِ ظُنِنتِ ذاتَ نَضارةٍ؛ ومتى سَفَرْتِ قُبِحتِ في الإسفار
غَلَبَ السّفاهُ، فكم تَلَقّبَ مَعشَرٌ بالمؤمنينَ، وهُمْ منَ الكفّار
ومِن البَليّةِ، أن يُسَمّى، صادقاً، مَن وصفُهُ الأَولى كذوبٌ فار
طلَبَ اللّئيمُ مِنَ اللّئام تَحَرّماً، والخافِرونَ أتَوهُ بالإخْفار
ورَمَيْتُ أعوامي ورائيَ، مثلَ ما رَمَتِ المَطيُّ مَهامِهَ السُّفّار
وركِبْتُ منها أربَعينَ مَطيّةً، لم تَخْلُ مِن عَنَتٍ وسوءِ نِفار
بَذَلَ الكريمُ عَتائراً من سارِحٍ، فأفادَ من شُكرٍ عَتائرَ فار
حادِثْ كتابَكَ، فهوَ آمَنُ جانباً، مِن أهلِ تَسبيدٍ، وأهلِ وِفار
وفَوائدُ الأسفارِ جمعُ السِّفر، في الد نيا، تَفوقُ فَوائِدَ الأسفار
والعِيسُ تؤثَرُ بالنُّضارِ، وتَمتري نَضْرَ المَعيشَةِ في فلاً وجِفار
حَسَتِ الظلامَ، فآض تعصرُه الضّحى، من بينِ أعطافٍ، لها، وذَفار
والطِّرْفُ، أجفَرَهُ القضاءُ، فخصّه، بالرّخصِ، ما فيهِ من الإجفار
والآلُ شخصُ الحَيّ أينَ لقيتَهُ، فكأنّهُ، في المَينِ، آلُ قِفار
شبَحٌ يَعودُ إلى التّرابِ، فينطوي، كهَشيمِ رُغلٍ، أو حُطامِ صُفار
أينَ الخَليطُ، لقد تأبّدَ رَبعُهُ، والحَيُّ أجمَعُ حَلّ في أحفار
أمَلٌ تَعَلّقَ بالنّجومِ، فلا تَقُلْ، عندَ النّعامِ، ولا مَعَ الأغفار
رُمنا المآربَ بالسّفاهِ، ولم تكنْ لتُنال إلاّ بانتضاءِ شِفار
ألقاكَ عن عُفرٍ، وجِسمي بنيَةٌ عَفريّةٌ، والزّنْدُ غيرُ عفار
شَذّ التّقيُّ، فما يُقاسُ على أبي ذَرٍّ، وشيمَتُهُ رِجالُ غِفار
أرأيْتَ أُسدَ الجِزْعِ، بعْد فريسِها، تَعتامُ بالأظفارِ جَزْعَ ظَفار؟
والصّبحُ قد غَسَلَ الدّجى بمعينِه، إلاّ بقيّةَ إثمدِ الأشفار
غُفرانَ ربّكَ، قلّما فعلَ الفتى ما لَيسَ مُحوِجَهُ إلى استغفار

 

اسم القصيدة: يا أُمّ دَفرٍ! إنّما أُكرِمتِ عَنْ.

اسم الشاعر: أبوالعلاء المعري.


المراجع

adab.club

التصانيف

شعراء   الآداب