لم يعد والدي في ذلك اليوم ولافي اليوم التالي وظهر حزن واضح على وجه امي تحول بعد فترة الى قلق وحيرة، وشق ذلك على ام عبدالله وعفاف واخذن يطلن البقاء معها لمساعدتها على تحمل الانتظار الطويل، يومان ثلاثه اربعة ايام ولم تتسلم امي خبرا وانتهى الاسبوع الاول وفي اليوم الثامن حضر ابي وهو في حاله من الارهاق والعناء فالقى بنفسه على الفراش وراح في نوم عميق يخرج شخيرا وانينا فقامت امي بفك حذائه والقت عليه بطانيه من الصوف وطلبت منا الهدوء.
وفي ساعات النهار الاولى صحا والدي من نومه وشاهدت امي تجلس الى جوارة يشربان الشاي وسمعته يحدثها ويقول :
لقد حولنا افراحهم الى معركه وسمعنا الصراخ والعويل عن بعد مسافه طويله لقد انتقمنا لاهلنا وربما نكون قد قتلنا منهم اكثر بكثير مما قتلت مدافعهم ورشاشاتهم عندما هاجموا القريه الامنه والناس العزل.
اه يا رسميه ليتك شاهدت هؤلاء الجبناء وهم يتراكضون كالفئران هلعين خائفين ثم يتوقف والدي قليلا ويتنهد ويقول بلهجه مفعمه بالاسى، لا ادري والله كيف هزمنا هؤلاء الجبناء كيف!! ثم اضاف: بعد ذلك انتشرنا في الحقول نجمع كل ما يصادفنا من الخيل والبقر والاغنام، وادخلناها الى القرى المجاورة للحدود انها لنا فلماذا نتركها لهم يسكت قليلا ثم يضيف تركنا السكنة " المستعمرة" خاويه تماما امست خرابا ثم اخذنا ثلاثه جياد وركبناها وتوجهنا الى سلمه، سلمه بلدتنا الحبيبه يتنهد بالم وحسرة ويقول ثانيه سلمه، وما ان وصلنا حتى هاجت مشاعري فاسرعت الى دارنا دفعت الباب بيدي فوجدتهم نائمين في فراشنا في غرفتنا على سريرنا وكان منظرهم مثيرا رهيبا وقد نهضوا واعتراهم الخوف واصابهم الهلع اعوذ بالله من تلك الوجوة الصفراء الكالحه التي كستها مسحه الموت صمت قليلا ثم اردف ... صرخت في هؤلاء المحتلين الغاصبين هذه دارنا وهذه غرفه نومي وزوجتي، صنعها لها اخوها هدية زواجنا فلماذا انتم هنا..تبيتون على فراشنا في حين تنام زوجتي وأطفالي على الأرض.. لم يجيبوا وبالتاكيد اصابتهم الرجفه وهم ينظرون ماذا سنصنع بهم فتحت الخزانه فوجدت ملابسنا معلقة في اماكنها..يا للحزن الذي انتابني تخيلتك تقفين امام الخزانه بشعرك المنسدل على كتفيك تمسكين بالعلاقه لتعلقي ملابسي ليتك كنت معي تلك اللحظه لما فارقت تلك الارض ولو مزقوني اربا.