انضمام الاردن لمنظومة دول مجلس التعاون الخليجي انعطافة استراتيجية إقليمية وأردنية تاريخية، تحمل في ثناياها العديد من الفرص والمكاسب للأردن ودول الخليج. لكن أحدا لا يستطيع تجاوز حقيقة أن عملية الانضمام ستتطلب جهدا سياسيا كبيرا من الدبلوماسية الأردنية والخليجية، وأننا للآن ما نزال أمام "إعلان نوايا" أو "دعوة" للانضمام، ليس أكثر.
السؤال الأكثر إلحاحا عند محاولة تأطير هذا الحدث الاستثنائي هو لماذا الآن، خاصة وأن الأردن رغب في الانضمام لهذه المنظومة الاقتصادية والأمنية منذ زمن طويل، لدرجة أن الحكومات الأردنية والرأي العام فقدا الأمل في أن يتحقق ذلك؟ الدعوة في تقديري أتت لأسباب أمنية بالدرجة الأولى، ترتبط ربما بالتحديات الاستراتيجية الإقليمية في الخليج، ورغبة دول الخليج في توسيع وتدعيم الدول العربية المستقرة في ضوء تفشي حالة من اللااستقرار التي تشهدها المنطقة، بهدف منع أو إيقاف تمدد مزيد من الاضطرابات ضمن منظومة الدول العربية، خاصة أن انتفاضات مصر وتونس جلبت بالفعل بعض اللااستقرار رغم أنها جلبت حرية أيضا.
لكن تفسيرا كهذا يطرح عددا من الأسئلة الاستتباعية المشروعة الأخرى: هل الخليج بحاجة لدعم أمني أردني بعد كل ما راكم من قدرات تسليحية وتدريبية أفضت لأن تعرض علينا السعودية مساعدة في مكافحة الإرهاب بعد تفجيرات عمان الدامية؟ ما هي الإضافة الأمنية التي يمكن للأردن تقديمها في هذه اللحظة الزمنية التي تجاوزت مرحلة السبعينيات والثمانينيات التي كان الأردن فيها رافدا أساسيا لمنظومة أمن الخليج، خاصة البشرية منها؟ هل الحاجة الأمنية الخليجية ترتبط بالعنصر البشري الأمني الأردني المهني والمحترف، ولماذا ذلك في ظل تزايد عدد منتسبي القوات الأمنية والجيش الخليجيين؟ ثم من الذي قال إن الأردن لم يكن –من دون أن ينضم لمجلس التعاون الخليجي– رافدا ومساندا لأمن الخليج ضد ما يهدده، سواء كانت إيران أم التحديات الداخلية لبعض دول الخليج؟ لماذا يدعى الأردن للانضمام ما دام أساسا مساهما حقيقيا وذا مصداقية لأمن الخليج وشعوبه ما استطاع لذلك سبيلا؟
وفي تحليل الدعوة للانضمام اقتصاديا، نجد أننا أيضا أمام سلسلة من الأسئلة المحيرة: فالخليج، وبدرجة كبيرة، مفتوح الآن أمام البضائع والعمالة الأردنية المفضلة لديه، وهو أيضا مستثمر رئيسي في السوق الأردنية، فلماذا إذا الانضمام، وما الذي سيضيفه للاقتصاد الأردني بالمقارنة بما يحدث الآن؟ ألم يكن يكفي زيادة التسهيلات الاقتصادية وربما المساعدات، إذا كان الهدف مساعدة الاردن على عبور أزمته الاقتصادية التي قد تمس استقراره؟ ألم يكن ذلك أفضل من أجل إبقاء الأردن مرتبطا وملتزما بدوره الأمني في الخليج الحالي والمستقبلي؟ لماذا لا تأتي المساعدات أو الخير الاقتصادي المنتظر من دون إعطاء مقعد وصوت للأردن في مجلس التعاون الخليجي، ماذا للخليج من مصلحة خلف هذه الدعوة؟
هذه الأسئلة وغيرها مشروعة، وربما كان من المبكر تكشّفها، ولكنها ستكون على طاولة البحث والتفاوض لانضمام الأردن للمنظومة الخليجية، فكل طرف معني في هذه المرحلة بأن يقدر حجم مكاسبه وقيمته المضافة للآخر، ليتسنى له الحصول على فائدة سياسية واقتصادية تتماهى مع ذلك.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  د. محمد حسين   جريدة الغد